شهدت ملاعب الرباط تسربات مياه خلال مباريات الملحق الإفريقي. المقال يدافع عن هذا، مُعتبرًا الحدث "بروفة" ضرورية قبل الكان والمونديال، وليس "شوهة". يُشير إلى أن استخدام "الكراطة" إجراء عالمي للتصريف، والتسربات طبيعية بسبب عدم اكتمال الأشغال. الهدف هو اختبار متانة العزل والتصريف، وتصحيح الأخطاء قبل الاستحقاقات الكبرى، مع التأكيد على الثقة في القدرات المغربية.
شهدت مواقع التواصل الاجتماعي ضجة واسعة خلال الساعات الماضية، إثر تداول صور ومقاطع فيديو تظهر تسرب مياه الأمطار إلى مدرجات ملعبي مولاي الحسن وملعب البريد في الرباط، وذلك بالتزامن مع استضافتهما لمباريات الملحق الإفريقي المؤهل لكأس العالم 2026. كثيرون ذهبوا بعيداً في الوصف، مصنفين الموقف على أنه “شوهة”، وهو ما يغفل حقيقة السياق الذي يمر به هذا المشروع الوطني.
من الضروري وضع الأمور في نصابها الصحيح، فالواقعة، رغم المشاهد غير المريحة لبعض التسربات، لا تعدو كونها جزءاً من عملية بناء شاملة، و“بروفة” ضرورية قبل الاستحقاقات الكبرى.

الكراطة والتصريف: ممارسة عالمية وليست عيباً
أول نقطة يجب التوقف عندها هي استخدام بعض العاملين لـ “الكراطة” (المجرفة المطاطية) في المساعدة على تصريف المياه من أرضية الملعب أو محيطها. هذا الإجراء، الذي استغلته بعض التعليقات للسخرية، هو في الحقيقة ممارسة عادية جداً وتُستعمل في أغلب الملاعب الكبرى حول العالم عند حدوث تساقطات مطرية غزيرة.
الأمر يتعلق بـ المساعدة في تسريع عملية التصريف؛ ففي مواجهة قدرة الله وتهاطل الأمطار بغزارة، لا عيب في استخدام كل الأدوات المتاحة لضمان جاهزية الملعب واستمرار المباراة.

المشكل الحقيقي: أشغال لم تكتمل بعد
أما بخصوص تسرب المياه من بعض أجزاء السقف أو المدرجات، فإن الحقيقة الواضحة التي يغفل عنها البعض هي أن هذه الملاعب، على الرغم من افتتاحها لاستقبال المباريات، لم تُستكمل أشغالها بشكل نهائي بعد.
كان الهدف من استضافة هذه المباريات في ظل الظروف الجوية المتقلبة، خصوصاً مع تساقط الأمطار الغزيرة، هو الوقوف على أي اختلالات أو عيوب هندسية في البنية التحتية والمرافق المنجزة حديثاً. هذه المباريات تشكل اختباراً حقيقياً لـ:
- متانة الأسقف ونظام العزل.
- كفاءة أنظمة تصريف المياه الجديدة.
- البوابات الإلكترونية وعملية دخول وخروج الجمهور.
بروفة حقيقية في خدمة الكان والمونديال
بعبارة بسيطة، ما حدث هو “بروفة” (تمرين عملي) بامتياز. استضافة مباراة دولية تحت ضغط جماهيري وفي أجواء شتوية هو أفضل وسيلة للكشف عن “نقاط الضعف” التي لا تظهر إلا في الظروف القصوى.
إن تحديد هذه المشاكل الآن، وخلال هذه الفترة التجريبية، يصب بشكل مباشر في مصلحة المغرب ورهاناته الكبرى المرتبطة بتنظيم كأس أمم إفريقيا (الكان) والاستعداد لاستضافة كأس العالم 2030.
ثقة في الإنجاز وتصحيح للأخطاء
المغرب يمر بمرحلة استثنائية من تحديث بنيته التحتية الرياضية، وهي عملية ضخمة ومعقدة لا تخلو من عثرات أو تأخيرات بسيطة. يجب أن ينظر القارئ المغربي إلى هذه التسربات لا كـ “شوهة”، بل كـ “فرصة أخيرة للتصحيح”.
كل المشاكل والاختلالات التي ظهرت سيتم معالجتها وتصحيحها بشكل جذري قبل انطلاق كأس أمم إفريقيا بإذن الله.
فالثقة كاملة في الكفاءات المغربية لإنجاز ملاعب تليق بصورة المملكة ومكانتها العالمية، وتكون جاهزة لاستقبال العالم في عام 2030 بأبهى حلة.


التعاليق (0)