لماذا يُقلَّل من دور الكوادر المغربية في إنجازات الكرة الأردنية؟

الكوادر المغربية تواصل التألق ـ السلامي مدرب الأردن آراء الكوادر المغربية تواصل التألق ـ السلامي مدرب الأردن

في كل تجربة كروية ناجحة، يبرز سؤال جوهري: من أين جاء هذا التحول؟
غير أن اللافت في النقاش الدائر حول المنتخب الأردني مؤخرًا، هو حالة الرفض العصبي من بعض الأصوات لتقبّل حجم المساهمة الحقيقية للكوادر التدريبية المغربية في هذا التحول، وكأن الاعتراف بالدور الفني والتكتيكي يُعد انتقاصًا من قيمة اللاعب أو الكرة الأردنية عمومًا. والحال أن الموضوع لا يحتاج عاطفة، بل قراءة تاريخية وواقعية بحتة.

ماذا كان تاريخ الكرة الأردنية قبل هذه المرحلة؟

قبل وصول الأطر المغربية، لم يكن سجل المنتخب الأردني حافلًا بإنجازات مؤثرة أو محطات فارقة تُذكر قارياً أو عالمياً.
بل إن مساره في المنافسات الكبرى كان قريبًا – من حيث النتائج – لما نراه اليوم مع منتخبات مثل سوريا في كأس العرب الحالية: حضور دون أثر حاسم.

والأهم أن المنتخب الأردني، بنفس الأسماء المحورية لهذا الجيل تقريبًا، فشل في تجاوز الدور الثاني من التصفيات المؤهلة لمونديال 2022، ولم يبلغ حتى الدور الثالث الحاسم، هذا ليس رأيًا، بل معطى رقمي موثّق.

أجيال أقوى… ونتائج أضعف

التاريخ يؤكد أيضًا أن الأردن مرّت عليه أجيال تضم لاعبين يُصنَّفون فرديًا أفضل من لاعبي الجيل الحالي، سواء تقنيًا أو بدنيًا.
ومع ذلك، لم تتمكن تلك الأجيال – رغم تنوع المدارس التدريبية – من تحقيق نجاح حقيقي يُذكر.

لماذا إذن يتم اليوم قياس قيمة الأجيال بالأرقام والإنجازات فقط، بينما تم تجاهل أجيال سابقة فشلت في تحقيق هذه الأرقام رغم إمكانياتها الفردية الأعلى؟

الجواب واضح: لأن كرة القدم الحديثة لا تكافئ الموهبة الخام، بل المنظومة.

ما الذي أضافته الكوادر المغربية؟

المنتخب الأردني الحالي يتكوّن في معظمه من لاعبين بقدرات فردية متوسطة، ينشطون في أندية مغمورة، وفي دوري محلي يُجمع المتابعون على ضعفه الفني والتنافسي.

ومع ذلك، شهد الفريق قفزة واضحة في:

  • الانضباط التكتيكي
  • القراءة الجماعية للمباريات
  • إدارة النسق والضغط
  • الاحترافية الذهنية داخل وخارج الملعب

ووفق تصريحات لاعبين أنفسهم، فإن الكوادر المغربية جلبت إضافة فكرية وتنظيمية غيّرت طريقة تعاملهم مع المباريات.

والأكثر دلالة، أن عددًا من ركائز هذا الجيل لعبوا سابقًا تحت إشراف مدربين آخرين، ولم يقتربوا حتى من نصف المستوى الذي يقدمونه اليوم. هذه حقيقة لا يمكن القفز فوقها.

متى يصبح تقليل دور المدرب منطقيًا؟

يمكن تقليص دور المدرب – نظريًا – في ثلاث حالات واضحة:

  • إذا كان للأردن دوري قوي وأندية تتألق قارياً.
  • إذا كان للمنتخب تاريخ حافل بالإنجازات المستمرة.
  • إذا كان يمتلك قاعدة واسعة من المحترفين الكبار في دوريات قوية.

وكل هذه الشروط، مع كامل الاحترام، غير متوفرة حاليًا.

النجاح مرحلة… لا صك تفوق دائم

التاريخ الكروي مليء بتجارب نجحت بفضل مدرب استثنائي أحسن استثمار إمكانيات متوسطة في مرحلة زمنية محددة.
وهذا لا ينتقص من اللاعبين، لكنه يضع الأمور في سياقها الصحيح.

النجاح الأردني الحالي هو نتاج:

  • عمل مدرب بكفاءة عالية
  • التزام لاعبين بشكل جماعي
  • منظومة مؤقتة متوازنة

والتحدي الحقيقي يبدأ بعد انتهاء هذه المرحلة: هل ستُطوَّر بقية مكونات المنظومة لضمان الاستمرارية؟

الاعتراف بدور الكوادر المغربية لا يُلغي الجهد الأردني، بل يحترمه، لأنه يقرأ النجاح كما هو، لا كما نحب أن يكون.

أما الإعلام، فمسؤوليته اليوم ليست تضخيم العاطفة، بل تقديم تحليل متواضع، هادئ، ومحايد، لأن المبالغة لا تصنع مستقبلًا، والإنكار لا يبني كرة قدم.

الإنجازات الحالية مرتبطة بوضوح بعمل مدرب، والتزام لاعبين. وأي قراءة أخرى، هي هروب من الحقيقة لا أكثر.


  • تم تحرير هذا المقال من قبل فريق موقع “أنا الخبر” اعتمادًا على مصادر مفتوحة، وتمت مراجعته بعناية لتقديم محتوى دقيق وموثوق.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً