يدخل منتخب المغرب للرديف اختباراً حاسماً أمام نظيره السوري في ربع نهائي بطولة كأس العرب، في مواجهة لا تشبه دور المجموعات، بل تخضع لتفاصيل نفسية وتكتيكية دقيقة، خصوصاً بعد المستويات القوية التي قدّمها الطرفان خلال دور المجموعات. وبين تحضيرات مكثفة وتأثيرات غيابات مؤثرة ورسائل الاحترام والتحدي من الجانبين، تبرز هذه المباراة كواحدة من أبرز لحظات البطولة.
لمسات تكتيكية أخيرة وجاهزية بدنية
اختتمت العناصر الوطنية حصتها التدريبية الأخيرة اليوم الأربعاء تحت قيادة المدرب طارق السكتيوي، الذي ركّز على آخر الجوانب التقنية المرتبطة ببناء اللعب والضغط في منتصف الملعب، وهو نهج اعتمد عليه الرديف بشكل واضح خلال المباريات السابقة.
ورغم أن غياب وليد الكرتي عن المواجهة بعد استدعائه من نادي بيراميدز للمشاركة في بطولة دولية، فإن وجوده في المباراة السابقة إلى جانب المجموعة أكد العلاقة المستمرة بين اللاعبين والفريق الوطني. أما أشرف بنشرقي، فاكتفى بالمساندة خارج المستطيل الأخضر بسبب الإصابة، في إشارة إلى قيمة المجموعة حتى في غياب بعض ركائزها.
الموعد والقنوات الناقلة
تُجرى المباراة غدا الخميس على الساعة 15:30 (غرينيتش +1)، ويمكن متابعتها عبر:
- بين سبورت الرياضية
- قناة الكأس القطرية
- أبو ظبي الرياضية
هذا التنوع في النقل التلفزيوني يعكس حجم الاهتمام العربية بالمواجهة، خصوصاً مع السمعة التي اكتسبها المنتخب المغربي في المحافل الدولية.
طاقم تحكيم دولي من أمريكا الجنوبية
أسند الفيفا قيادة المباراة للحكم الشيلي كريستيان غاراي بمساعدة كلاوديو أوروثيا وخوسي ريتامال، فيما يشرف على غرفة VAR رودولفو توشكي من البرازيل.
حضور طاقم تحكيمي من قارة بعيدة عن المنافسة يؤكد رغبة الاتحاد الدولي في منع أي جدل تحكيمي داخل بطولة بدأت تفرض قوتها في الروزنامة العربية.

تصريحات مغربية تحمل الثقة والانضباط
أكد المهاجم طارق تيسودالي أن المنتخب بات يمتلك خبرة أكبر داخل البطولة، وأن التحضيرات ركزت على دراسة المنتخب السوري من جميع الجوانب، قائلاً:
“لدينا طاقم تقني يهتم بالتفاصيل الدقيقة، وعملنا على نقاط القوة والضعف. نحن مغاربة… ودائماً جاهزون للقتال”.
البعد النفسي الذي يركّز عليه تيسودالي يؤكد أن المنتخب لا يعتمد فقط على مهارات اللاعبين، بل أيضاً على بناء عقلية تنافسية تليق بمنتخب اعتاد تمثيل القارة إفريقيا في أكبر المسابقات.
احترام سوري ورسالة رياضية مشتركة
من الجانب السوري، تحدث قائد المنتخب عمر خربين بروح رياضية عالية، معتبراً أن مواجهة المغرب فرصة فنية ثمينة، قائلاً:
“سواء انتصرنا أو خسرنا، المباراة فرصة للتعلم… تحيا سوريا ويحيا المغرب”.
هذا الخطاب يعكس رؤية جديدة للكرة العربية: نتائج المباريات لم تعد الهدف الوحيد، بل أصبح التنافس منصة لتطوير جيل جديد، وهو ما يضع المواجهة في إطار أعلى من مجرد ربع نهائي.
مفاتيح الفوز في مواجهة المغرب وسوريا
رغم أن مثل هذه المباريات لا تُحسم بالأسماء، إلا أن بعض التفاصيل قد تصنع الفارق. بالنسبة للمنتخب المغربي، يعتمد السكتيوي على سرعة التحول من الدفاع للهجوم والضغط العالي في نصف الملعب السوري، خصوصاً مع لاعبين قادرين على افتكاك الكرة ثم صناعة الخطورة في ثوانٍ معدودة. كما أن تنوع الحلول في الأطراف يمنح المغرب قدرة على إرباك الدفاع السوري.
في المقابل، يمتلك المنتخب السوري نقطة قوة واضحة في الكثافة الهجومية والاندفاع البدني. وإذا نجح في استغلال المساحات خلف أجنحة الرديف المغربي، فقد يفرض إيقاعه ويجبر المغرب على التراجع. لذلك، تبدو معركة الوسط حاسمة: من ينجح في السيطرة عليها، سيقود المباراة وفق إيقاعه.
المغرب بثبات وسوريا بتحدٍ جديد
المسار الذي قاد المنتخب الرديف إلى ربع نهائي كأس العرب لم يكن مجرد نتائج إيجابية، بل عكس توازناً بين الأداء والفعالية رغم الانتقادات التي طالت السكتيوي بسبب طريقة اللعب. فقد نجح الفريق في فرض نفسه داخل مجموعته بتركيبة منسجمة وواقعية، ما سمح له بإنهاء الدور الأول في الصدارة بسبع نقاط، ناتجة عن ثلاث مباريات قدم فيها مستويات مختلفة، أبرزها الانتصار على السعودية بعد تعادل مع عمان وفوز افتتاحي مريح على جزر القمر.
على الجانب الآخر، يأتي المنتخب السوري إلى هذا الدور من بوابة تنافس ضيق ومثير داخل مجموعته، حيث حسم بطاقة العبور ثانياً بفارق الأهداف فقط خلف المنتخب الفلسطيني، ما يعكس روحاً تنافسية عالية ورغبة واضحة في تجاوز حدود التوقعات. هذه الروح تجعل مواجهته أمام المغرب فرصة يراها السوريون أكثر من مجرد مباراة إقصائية.
مواجهة بلا تاريخ كبير لكن برهانات ثقيلة
رغم حضور المنتخبين الدائم في المشهد الكروي العربي والإفريقي والآسيوي، فإن تاريخ اللقاءات بين المغرب وسوريا يكاد يكون نادراً. ثلاث مباريات فقط جمعت الطرفين منذ ستينيات القرن الماضي، بتفوق نسبي للمغاربة في مناسبتين مقابل فوز وحيد للسوريين. ندرة المواجهات تفتح المجال لسيناريو جديد كلياً، بعيداً عن حسابات التاريخ والذاكرة.
ولهذا السبب، تحمل مباراة ربع النهائي هذه قيمة رمزية للطرفين: المغرب يسعى لتأكيد تميزه في البطولة والتقدم بثبات نحو المربع الذهبي، فيما ينظر السوريون إلى اللقاء كنافذة لصناعة مفاجأة أمام منتخب قوي، ولإعادة كتابة علاقتهم الرياضية مع “أسود الأطلس” بوجه آخر غير محفوظ في التاريخ.
هي إذن مواجهة تجمع بين روح التحدي والانضباط التكتيكي وتبادل الاحترام. المغرب يدخل بطموح الفوز وتأكيد مشروع “الرديف”، وسوريا تبحث عن اكتساب خبرة أكبر أمام مدرسة كروية باتت نموذجاً قارياً. خارج الحسابات التقنية، تبقى هذه المباراة درساً في التطوير الرياضي المشترك داخل المنطقة العربية.
- تم تحرير هذا المقال من قبل فريق موقع “أنا الخبر” اعتمادًا على مصادر مفتوحة، وتمت مراجعته بعناية لتقديم محتوى دقيق وموثوق.

التعاليق (0)