دعوة نواكشوط للاعتراف الرسمي بمغربية الصحراء وفتح قنصليتين في العيون والداخلة وفي التفاصيل، في تحول لافت يعكس تغيرًا تدريجيًا في مواقف النخب الفكرية الموريتانية إزاء قضية الصحراء المغربية، وجّه الباحث السياسي الموريتاني ورئيس مركز “إحياء” للبحوث والدراسات، الحسن ولد ماديك، دعوة صريحة لحكومة بلاده من أجل الاعتراف الرسمي بسيادة المغرب على صحرائه، وفتح قنصليتين في مدينتي العيون والداخلة، دعما للوحدة المغاربية وإنهاء حالة الجمود الإقليمي.
ولد ماديك نشر تدوينة على حسابه الرسمي بموقع “فيسبوك”، خاطب فيها بشكل مباشر وزير الثقافة الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية، منتقدًا ما وصفه بـ”الموقف الرمادي” الذي تتبناه موريتانيا تجاه النزاع الإقليمي، والذي، حسب قوله، لا يخدم المصالح المشتركة لدول المغرب العربي، ولا يعكس روح التفاهم والتعاون بين الشعوب المغاربية.
وشدد الباحث الموريتاني على أن بقاء نواكشوط في منطقة رمادية، مع الاستمرار في الاعتراف الضمني بما سماه “المشروع الانفصالي”، لا يخدم الاستقرار الإقليمي، ولا ينسجم مع علاقات حسن الجوار التي ينبغي أن تسود بين المغرب وموريتانيا من جهة، وبين كافة دول المنطقة من جهة أخرى.
واقترح ولد ماديك مبادرة عملية من شأنها المساهمة في إنهاء النزاع، تتمثل في إقناع الجزائر بالتخلي عن دعم جبهة البوليساريو، مقابل تمكينها من منفذ اقتصادي عبر ميناء على الساحل الأطلسي الموريتاني. واعتبر أن هذه الخطوة قد تمهد الطريق نحو مصالحة تاريخية شاملة، تسهم في بناء فضاء مغاربي موحد ومستقر.
وأكد أن أولى خطوات إصلاح العلاقات الإقليمية تبدأ من اعتراف نواكشوط العلني والصريح بمغربية الصحراء، وفتح قنصليتين في العيون والداخلة، ليس فقط من باب الموقف السياسي، بل أيضًا كضرورة عملية لخدمة الجالية الموريتانية الكبيرة التي تقيم في الأقاليم الجنوبية المغربية، وتربطها علاقات اقتصادية واجتماعية قوية بالمنطقة.
ورأى ولد ماديك أن هناك حاجة ملحة إلى تجاوز ما أسماه بـ”الحياد السلبي”، الذي لم يعد يتماشى مع المتغيرات الجيوسياسية الإقليمية والدولية، خصوصًا مع تزايد الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب كحل سياسي واقعي ودائم لإنهاء النزاع حول الصحراء.
وتأتي هذه الدعوة في سياق حراك فكري متصاعد في الأوساط الأكاديمية والنخبوية الموريتانية، يعكس وعيًا متزايدًا بأهمية الانخراط في دينامية إقليمية جديدة تركز على الاستقرار والتكامل المغاربي، بدلًا من الانجرار وراء حسابات تُغذي الانقسام والتوتر في المنطقة.
التعاليق (0)