شهدت الدبلوماسية الجزائرية انتكاسات متتالية، منها قرار البرلمان الفرنسي بشأن اتفاق الهجرة، وتجديد مجلس الأمن لدعمه للحكم الذاتي المغربي في الصحراء. المقال يسلط الضوء على تراجع النفوذ الجزائري وعزلته الإقليمية، مقابل صعود دبلوماسي مغربي يعتمد على الواقعية وبناء الشراكات، مما يجعله القوة المهيمنة في المنطقة.
تعيش دبلوماسية الجزائر واحدة من أصعب لحظاتها منذ سنوات، بعد أن تلقت ضربتين متتاليتين على الساحة الدولية، كشفتا هشاشة موقعها الإقليمي وتراجع قدرتها على التأثير. الأولى جاءت من باريس عقب تصويت البرلمان الفرنسي على مقترح يمس اتفاق الهجرة لعام 1968، والثانية من نيويورك حيث صادق مجلس الأمن مجدداً على قرار يدعم مبادرة الحكم الذاتي المغربية كحل وحيد وواقعي لملف الصحراء.
الضربة الفرنسية.. تصدع في علاقة تاريخية
تقرير صحيفة L’Express الفرنسية أشار إلى أن تصويت البرلمان الفرنسي ضد اتفاق الهجرة لعام 1968 مثّل صفعة موجعة للسلطات الجزائرية، التي كانت تعتبر هذا الاتفاق رمزاً لعلاقتها الخاصة بفرنسا. القرار الجديد يعكس، بحسب الصحيفة، تحولاً في المزاج السياسي الفرنسي تجاه الجزائر، بعد سنوات من التوترات الدبلوماسية والتباينات في المواقف حول قضايا الهجرة والأمن والطاقة.
الانتكاسة الأممية.. المغرب يعزز موقعه الدولي
أما الضربة الثانية فجاءت من مجلس الأمن، الذي جدّد دعمه الواضح للمبادرة المغربية للحكم الذاتي كحلّ واقعي ودائم لقضية الصحراء المغربية. هذا الموقف الأممي شكّل انتصاراً جديداً للدبلوماسية المغربية التي تواصل تحقيق نجاحات متتالية بفضل مقاربة تقوم على الواقعية، والهدوء، وبناء الشراكات الدولية، مقابل خطاب جزائري متجاوز يقوم على الشعارات القديمة ورفض التحالفات الاستراتيجية.
عزلة إقليمية وارتباك داخلي في الجزائر
تضيف L’Express أن النظام الجزائري يعيش حالياً عزلة غير مسبوقة، بعدما فقد معظم حلفائه التقليديين ولم يبقَ له سوى علاقات محدودة مع تونس، وسط ارتباك داخل أجهزته السياسية والأمنية. كما أن تبنّي الجزائر خطاب “عدم الانحياز” في عالم تتغير فيه موازين القوى بسرعة، جعلها تبدو بعيدة عن دينامية التعاون الإقليمي التي يقودها المغرب بثبات.
في المقابل.. المغرب يواصل صعوده الدبلوماسي
يُجمع المراقبون على أن التحول في موازين النفوذ بالمنطقة المغاربية لم يعد خافياً. فالمغرب، من خلال دبلوماسيته الهادئة وواقعيته السياسية، نجح في توسيع شبكة تحالفاته، وتعزيز حضوره داخل المؤسسات الدولية، وفرض مقاربته القائمة على الثقة والشراكة المتبادلة. وهو ما يقابله تراجع جزائري متواصل بسبب الخطاب العدائي والجمود في الرؤية الاستراتيجية.
بينما يواصل المغرب تعزيز موقعه كقوة إقليمية تحظى بالاحترام والدعم الدولي، تبدو الجزائر غارقة في مأزق دبلوماسي متفاقم ناتج عن سوء تقديرها للمتغيرات الدولية ورفضها التكيّف مع مرحلة جديدة من الواقعية السياسية. تحولات تؤكد أن المستقبل الدبلوماسي في المنطقة يُرسم اليوم بأيدي الرباط لا الجزائر.
- تم تحرير هذا المقال من قبل فريق موقع “أنا الخبر” اعتمادًا على مصادر مفتوحة، وتمت مراجعته بعناية لتقديم محتوى دقيق وموثوق.

التعاليق (0)