الصحراء المغربية: هل تتخلى موريتانيا عن “تهديد الجزائر” وتعلن نهاية الحياد الإيجابي؟

علمي المغرب وموريتانيا مختارات علمي المغرب وموريتانيا

الجدل حول موقف موريتانيا من الصحراء المغربية يتجدد. بينما تتبنى الحياد الإيجابي، تشير تحليلات إلى مراجعة محتملة لهذا الموقف. يرى البعض أن البراغماتية والمخاوف الأمنية الداخلية (تغلغل البوليساريو) تفرض الحفاظ على الحياد، إلا أن آخرين يرون مؤشرات على ميل موريتانيا للمغرب (تقارب رئاسي، تغييرات عسكرية، رفض تحالف لإقصاء المغرب، رفض مناورات مع الانفصاليين). يعزى هذا التحول لتراجع التهديد الجزائري، مما يفتح الباب لقرار يخدم المصالح الاستراتيجية والاقتصادية الموريتانية.

تجدد الجدل مؤخراً حول موقف موريتانيا، الجارة الجنوبية للمملكة، من نزاع الصحراء المغربية خاصة بعد القرار الأخير لمجلس الأمن رقم 2797. فبينما تتبنى نواكشوط سياسة “الحياد الإيجابي” منذ فترة طويلة، تشير تحليلات إلى أن متغيرات إقليمية وداخلية قد تدفعها إلى مراجعة هذا الموقف، وربما إعلان دعمها الصريح لـمقترح الحكم الذاتي المغربي.

رهانات الحياد: البراغماتية والمخاوف الأمنية

يرى تيار واسع من المحللين أن البراغماتية الموريتانية ستظل تفرض الحفاظ على الحياد، أو تجعل الانحياز أمراً “صعباً جداً”. يعود هذا التخوف بالأساس إلى الاعتبارات الأمنية الداخلية.

  • التهديد الأمني الداخلي: يشدد هذا الرأي على أن مليشيات البوليساريو “متغلغلة في أراضيها”، ما يجعل إعلان دعم الحكم الذاتي يمثل خطراً حقيقياً يمكن أن “يزعزع استقرارها الأمني”.
  • دور المراقب والضغوط الخارجية: تُعد موريتانيا طرفاً مراقباً في النزاع، ولن تعترف بغير وضعها الحالي إلا في حال تعرضت لـ“ضغط من صاحب القلم (الأمم المتحدة/الولايات المتحدة)”. بمعنى آخر، لن تتخلى عن حيادها إلا تحت ضغوط قاهرة أو حينما يقترب النزاع من الحسم.

مؤشرات التحول: الميل الواضح لجهة المغرب

على النقيض من هذه الوضعية، يرى الخبير في العلاقات الدولية، أحمد نور الدين، أن هناك مؤشرات قوية تدل على أن قرار دعم موريتانيا لـ“مغربية الصحراء ناضج ولا ينتظر سوى التأشير عليه”. هذه المؤشرات تعكس تحولاً ملموساً في سياسة نواكشوط الخارجية والدفاعية:

  • التقارب الرئاسي: شكلت زيارة الرئيس الموريتاني إلى المغرب واستقباله من طرف العاهل المغربي في دجنبر الماضي، نقطة تحول في مستوى العلاقات الثنائية.
  • تغييرات عسكرية داخلية: تبع الزيارة تغيرات على مستوى قيادات الجيش الموريتاني، وهو ما يُفسر كخطوة لضبط المؤسسة العسكرية تمهيداً لأي تحول محتمل في السياسة الخارجية.
  • رفض الانحياز ضد المغرب: تجلى الميل لجهة الرباط في رفض نواكشوط المشاركة في اجتماعات تحالف مغاربي كان يهدف إلى إقصاء المغرب.
  • رفض المناورات المشتركة مع الانفصاليين: رفض موريتانيا المشاركة في مناورات عسكرية بالجزائر كانت ستشارك فيها الميليشيات الانفصالية، هو “مؤشر واضح على ميل موريتانيا لجهة المغرب”.

السياق الإقليمي المتغير: تراجع التهديد الجزائري

يُعيد أحمد نور الدين الموقف الموريتاني الحالي إلى الظروف التاريخية التي أملت اعترافها السابق بالكيان الانفصالي. فموريتانيا اعترفت بالكيان الوهمي سنة 1979 تحت “التهديد بالسلاح” بعد أن وصلت ميليشيات الانفصاليين، المدعومة بالجيش الجزائري، إلى مشارف العاصمة نواكشوط وتعرضت للقصف.

لكن الخبير يرى أن “الظروف الإقليمية تغيرت” بشكل جذري، حيث يرى أن “الجزائر المحاصرة والمعزولة” لم تعد في وضع يسمح لها بـ“تهديد أمن وسلامة موريتانيا”. هذا التراجع في مستوى التهديد الخارجي قد يمنح نواكشوط الحرية في اتخاذ قرار يتوافق مع مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية الأوسع، خاصة في ظل تنامي الاعتراف الدولي بمقترح الحكم الذاتي والذي أصبح الآن هو الطريق الوحيد الذي يحضى بدعم الجميع إلا من بعض يريدون معاكسة المغرب.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً