تراجع الجزائر الصامت: صفعة دبلوماسية تدفعها لابتلاع دعم إسبانيا للحكم الذاتي المغربي!

أعلام المغرب والجزائر وإسبانيا مختارات أعلام المغرب والجزائر وإسبانيا

في جوهانسبورغ، تجاهلت الجزائر ملف الصحراء المغربية في لقاء مع إسبانيا، بعد دعم الأخيرة للحكم الذاتي المغربي. هذا الغياب يعتبر اعترافًا ضمنيًا بثبات الموقف الإسباني، وصفعة دبلوماسية للجزائر التي كانت تستخدم الملف للضغط. المقال يطرح تساؤلات حول تخلي الجزائر عن شعاراتها، ويرى في هذا التحول تأكيدًا على صوابية الرؤية المغربية في قضية الصحراء.

شهدت جوهانسبورغ، مؤخراً، مشهداً دبلوماسياً لافتاً يستحق وقفة تحليلية متعمقة، خاصة بالنسبة للقارئ المغربي الذي يتابع بتركيز كل شاردة وواردة في ملف وحدتنا الترابية. ففي لقاء ثنائي جمع وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف بنظيره الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، صدر بيان رسمي عن الخارجية الجزائرية بخصوص محتوى المباحثات

ما أثار الانتباه ليس ما ذُكر، بل ما غاب تماماً عن البيان: ملف الصحراء المغربية.

الغياب الذي ليس تفصيلاً

عادةً، كانت دبلوماسية قصر المرادية، وبمجرد الجلوس إلى طاولة واحدة مع مدريد، لا تفوت الفرصة دون الزج بملف الصحراء، بل وتكرار عبارة “توافق في الرأي حول الملف الصحراوي” في محاولة لـ”تأثيث” موقفها الإعلامي والدبلوماسي. كان هذا الملف بمثابة ورقة الضغط المفضلة لدى الجزائر في علاقاتها المتوترة مع إسبانيا.

لكن اليوم، تغير المشهد بالكامل. فبعد أن حسمت إسبانيا موقفها التاريخي والمفصلي بدعمها الواضح والصريح لمبادرة الحكم الذاتي المغربي كـ”الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية” لحل النزاع، باتت الجزائر في موقف حرج.

هذا الغياب الصريح لذكر الصحراء المغربية في بيان المباحثات الثنائية بين عطاف وألباريس ليس مجرد تفصيل عابر؛ إنه بمثابة إقرار صامت من الجزائر بقوة وثبات الموقف الإسباني الجديد، وربما، تراجع اضطراري عن محاولات سابقة لابتزاز مدريد أو إجبارها على التراجع.

سؤال الجزائريين الكبير: أين ذهبت الشعارات؟

إن الدلالة الأعمق لهذا اللقاء الهادئ تكمن في المفارقة الصارخة بين الشعارات التي كان يرفعها إلام “قصر المرادية” والحقيقة الدبلوماسية اليوم. لنتذكر جيداً الحملة الإعلامية التي رافقت تدهور العلاقات بين البلدين، حيث كانت الأبواق الجزائرية تردد ليل نهار أن “العلاقة لن تعود إلى طبيعتها إلا إذا تراجعت مدريد عن دعمها للمغرب”.

واليوم، يُطرح السؤال الكبير الذي يجب أن يواجه به الجزائريون حكومتهم:

  • كيف عادت العلاقات، ولو جزئياً، بين قصر المرادية ومدريد دون أن تتراجع إسبانيا قيد أنملة عن دعمها الواضح والصريح للمبادرة المغربية؟
  • أين اختفت كل تلك الشعارات الجوفاء التي كانت ترسم خريطة طريق “العودة المشروطة” للعلاقات؟

إن عودة التواصل الجزائري الإسباني، حتى وإن كان خجولاً ومقتصراً على المصالح المشتركة (كقضايا المتوسط والساحل)، دون أي تغيير في الموقف الإسباني الجذري من الصحراء، تمثل صفعة دبلوماسية قوية للجزائر. لقد فقدت الجزائر ورقتها المفضلة في مواجهة مدريد، واضطرت للعودة إلى طاولة الحوار مع الاعتراف الضمني بثبات الموقف الإسباني الذي يتماشى مع الشرعية الدولية والمقترحات الواقعية، خاصة بعد قرار مجلس الأمن رقم 2797 والذي وضع النقط على الحروف.

رسالة للمغرب

هذا التحول يؤكد مرة أخرى على صوابية الرؤية المغربية التي تعتمد على الثبات في الموقف والعمل الدؤوب لكسب الاعترافات الدولية الموازية لمنطق التاريخ والجغرافيا. فالدول التي تُبنى علاقاتها على المصالح الاستراتيجية والرؤية الواقعية، مثل إسبانيا، تجد نفسها في النهاية مجبرة على التخلي عن المواقف القديمة والالتحاق بركب الحلول الجادة.

إن هذا التراجع الصامت من الجزائر ليس نهاية المطاف، ولكنه مؤشر قوي على تآكل البنية الدبلوماسية للموقف المعاكس لوحدتنا الترابية، وخطوة أخرى نحو التأكيد على أن مبادرة الحكم الذاتي هي بالفعل الحل الوحيد الممكن والمقبول دولياً.


  • تم تحرير هذا المقال من قبل فريق موقع “أنا الخبر” اعتمادًا على مصادر مفتوحة، وتمت مراجعته بعناية لتقديم محتوى دقيق وموثوق.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً