“الشركي” يلهب أجواء المغرب: موجة حر مفرطة تضرب الجنوب والوسط وتثير مخاوف مناخية جديدة

يستعد المغرب لموجة حر شديدة ابتداءً من اليوم الإثنين وإلى غاية الخميس المقبل، بفعل تمدد منخفض حراري قادم من عمق الصحراء الكبرى نحو المناطق الجنوبية والوسطى للبلاد، حسب ما أعلنته المديرية العامة للأرصاد الجوية. هذه الظاهرة، المعروفة محليًا باسم “الشركي”، ستؤدي إلى ارتفاع حاد في درجات الحرارة، قد يتجاوز المعدلات الاعتيادية بما يتراوح بين 5 إلى 12 درجة مئوية، خصوصًا في المناطق الداخلية البعيدة عن تأثير نسائم المحيط الأطلسي المعتدلة.

المناطق الأكثر تأثرًا بالموجة الحارة

وتشمل هذه الموجة الحارة بدرجاتها القصوى العديد من المناطق في الجنوب والوسط، منها مناطق سوس والرحامنة وتادلة وشياظمة والغرب، بالإضافة إلى مناطق من الأطلسين الكبير والمتوسط. وتُعزى هذه الارتفاعات القياسية جزئيًا إلى تأثير ظاهرة “الفون“، حيث تفقد الرياح المارة من المناطق الجبلية رطوبتها لتصل إلى السهول المجاورة حارة وجافة، ما يعمق الإحساس بحرارة خانقة ومزعجة.

توقعات الأرصاد: درجات حرارة استثنائية

من المرتقب أن تسجل درجات حرارة قصوى تفوق 45 درجة مئوية في عدد من المناطق الداخلية، خاصة خلال ساعات الظهيرة، مع ليالٍ تظل فيها درجات الحرارة مرتفعة نسبيًا، ما قد يشكل عبئًا إضافيًا على كبار السن والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة.

تغير مناخي يُفاقم الظواهر الحرارية

ورغم أن موجات الحرّ خلال فصل الصيف تُعتبر ظاهرة موسمية معتادة في المغرب، إلا أن التزايد المطرد في شدتها وتواترها خلال السنوات الأخيرة يثير قلق الخبراء والهيئات البيئية، الذين يرون فيها انعكاسًا مباشرًا للتغيرات المناخية والاحتباس الحراري.

وقد عرف المغرب خلال صيف سنة 2023 درجات حرارة غير مسبوقة، من أبرزها ما سُجّل في مدينة أكادير، حيث بلغت الحرارة 50.4 درجة مئوية خلال شهر غشت، في رقم قياسي تاريخي يعكس حجم التحول المناخي الذي تعرفه المملكة والمنطقة ككل.

دعوات للتأهب والوقاية

وفي ظل هذه الظروف المناخية القاسية، تدعو السلطات الصحية والمناخية المواطنين إلى اتخاذ احتياطات لازمة، كالبقاء في أماكن ظليلة، وتفادي التعرض المباشر لأشعة الشمس خلال فترات الذروة، والإكثار من شرب الماء، تفاديًا لمخاطر الإجهاد الحراري وضربات الشمس.

تأتي هذه الموجة لتؤكد مجددًا أن المغرب، مثل باقي دول المنطقة، بات في صلب التأثيرات الحادة للتغيرات المناخية، ما يفرض تعزيز استراتيجيات التكيف البيئي وتحسين منظومة الإنذار المبكر للتقلبات الجوية الحادة.