في تطور ميداني بالغ الدلالة يعكس التحول الاستراتيجي في تعاطي موريتانيا مع التهديدات الأمنية المتنامية على حدودها الشرقية، نفذ سلاح الجو الموريتاني، صباح اليوم الأربعاء، غارة جوية دقيقة أسفرت عن تدمير مركبة رباعية الدفع كانت محمّلة بكميات من الأسلحة. العملية وقعت في منطقة وعرة قريبة من الحدود مع الجزائر، يُشتبه في استخدامها من قبل عناصر تنتمي إلى جبهة البوليساريو الانفصالية كممر غير شرعي.
ووفقاً لتقارير إعلامية موريتانية، فإن هذه العملية العسكرية تندرج ضمن السياسة الجديدة التي ينتهجها الجيش الموريتاني، والتي تهدف إلى بسط السيادة الكاملة على كافة أرجاء البلاد، والتصدي بحزم لأي تحركات مسلحة غير قانونية، لا سيما في المناطق الحدودية التي تشهد نشاطاً متزايداً لمجموعات مسلحة يُعتقد بانتمائها إلى البوليساريو.
المصادر ذاتها أوضحت أن المركبة المستهدفة لم تكن تحمل أية لوحات ترقيم رسمية، وكانت تتحرك في منطقة عسكرية محظور فيها التنقل بشكل قاطع، الأمر الذي جعل منها هدفاً مشروعاً للقوات المسلحة الموريتانية. ويأتي هذا التحرك في إطار جهود نواكشوط لقطع الطريق أمام أية محاولات لتهريب السلاح أو التحضير لعمليات تهدد الأمن الداخلي أو الإقليمي.
ورغم عدم صدور بيان رسمي حتى اللحظة عن وزارة الدفاع الموريتانية لتأكيد تفاصيل العملية، فإن توقيت الغارة والموقع المستهدف يحملان في طياتهما رسائل واضحة، تؤشر إلى أن موريتانيا دخلت مرحلة جديدة من الصرامة في التعاطي مع أي اختراقات لأراضيها من قبل جماعات مسلحة، وعلى رأسها جبهة البوليساريو، في ظل تصاعد التوتر الإقليمي على الحدود الجزائرية المغربية.
وفي حال تأكيد العملية رسمياً، فإنها ستكون سابقة نوعية تعيد رسم قواعد الاشتباك في المنطقة، وتؤكد أن نواكشوط باتت أكثر استعداداً لممارسة حقها السيادي الكامل في الردع والمواجهة. كما تُبرز هذه الخطوة رفض موريتانيا القاطع لأن تكون أراضيها منطلقاً لأي أنشطة تهدد الأمن والاستقرار في منطقة الساحل والصحراء، أو تمس بعلاقاتها مع الدول المجاورة، وعلى رأسها المملكة المغربية.
العملية، وإن بدت عسكرية في ظاهرها، إلا أنها تحمل أبعاداً سياسية وأمنية تتجاوز المكان والزمان، وتؤكد أن موريتانيا باتت ترسم بوضوح حدودها الحمراء، وتبعث برسائل قوية إلى كل من تسوّل له نفسه استغلال مناطقها الحدودية لأغراض مشبوهة.
التعاليق (1)
عندهم.حق.يحرصو.ارضهم