أنا الخبر ـ متابعة 

سخرت وسائل إعلام ومغردون أتراك من مقترح أمريكي مفترض يجري تداوله، يشير إلى أن واشنطن طلبت من أنقرة منح منظومة “إس 400” الدفاعية إلى أوكرانيا لاستخدامها ضد القوات الروسية، وهو ما وصفه أتراك بـ”مقترح ساذج” ويأتي في إطار محاولات غربية متواصلة لـ”توريط” تركيا في صراع عسكري مع روسيا.

وقبل أيام، كتب مغردون أمريكيون تسريبات مختلفة حول وجود “أفكار ومقترحات” أمريكية لتركيا تتمحور حول قبول أنقرة بمنح منظومة “إس 400” الروسية إلى أوكرانيا، مقابل أن تقوم الولايات المتحدة بإعادة تركيا إلى برنامج طائرات “إف 35” وبيعها منظومة باتريوت الدفاعية الأمريكية وإنهاء الخلافات بين البلدين التي تفجرت عقب شراء أنقرة منظومة الدفاع الروسية من موسكو.

لكن هذه المعلومات أخذت منحاً جدياً أكبر مع التقارير التي نشرتها صحيفتا واشنطن بوست ونيويورك تايمز، والتي تؤكد وجود مقترح أمريكي في هذا السياق، قبل أن تنقل وكالة رويترز عما قالت إنها “ثلاثة مصادر مطلعة” تأكيدها أن واشنطن أثارت بشكل غير رسمي مع تركيا إرسال منظومة “إس 400” إلى أوكرانيا لمساعدتها في محاربة القوات الروسية. وأوضح التقرير أن المقترح نوقش “بشكل مقتضب” خلال زيارة ويندي شيرمان، نائبة وزير الخارجية الأمريكية لتركيا في وقت سابق من الشهر الجاري.

منظومة إس 400
منظومة إس 400

وعلى الرغم من عدم صدور أي موقف رسمي تركي يؤكد أو ينفي هذه الأنباء، فإن المقترح الأمريكي وصف في أوساط مختلفة بتركيا بأنه “خبيث وخيالي” وبعيد عن الواقع، ولا يمكن أن تقبل به أنقرة تحت أي ظرف من الظروف، فيما حذر كثيرون من أنه يأتي في إطار المحاولات الأمريكية والغربية بشكل عام “المتواصلة من أجل توريط تركيا في مواجهة عسكرية مع روسيا في أوكرانيا”.

وكتب مراسل التلفزيون التركي “تي ري تي وورلد” في واشنطن يونس باكسوي: “إنها لم تكن مجرد مزحة، بالفعل بعد الحرب في أوكرانيا، ناقش مسؤولون أمريكيون كيفية إبعاد تركيا عن روسيا من خلال حثها على منع منظومة إس 400 الدفاعية الروسية إلى أوكرانيا”. وعلق المغرد التركي أردان زينتورك على الخبر ساخراً: “هذا الخبر يكشف لكم عن مستوى الذكاء الذي تتمتع به الإدارة الأمريكية الحالية”، وكتب مغرد آخر: “جمعنا اعتقدنا أن هذا الخبر مجرد مزحه، لكن يبدو أنه حقيقي، هذا التفكير يكشف عن مدى الأنانية وخسوف العقل الذي تتمتع به الإدارة الأمريكية”.

وفق “القدس العربي” علق الباحث العسكري التركي يوسف أق بابا على الخبر بالقول: “بالفعل تبين أنهم طلبوا (الأمريكيون) بشكل جدي أن نمنح إس 400 إلى أوكرانيا، لو كانت تركيا ستمنح المنظومة لأي أحد هل ستمنحها لأوكرانيا لتكون سبباً للحرب مع روسيا؟ الناتو الذي قال لن نتدخل لو وقعت حرب بين روسيا وتركيا في سوريا، هل يمكن أن يعطي ضمانات بأنه سوف يتدخل لو وقعت حرب بين تركيا وروسيا في أوكرانيا؟”.

الأكاديمي والدبلوماسي السابق طالب كوتشوك جان، كتب عبر تويتر: “أمريكا تقول لنا امنحوا منظومة إس 400 إلى أوكرانيا لتقوية نظامها الدفاعي وتحسين العلاقات مع أمريكا، ونحن نقول لهم ونقترح أن يمنحوا منظومة باتريوت الأمريكية ومنظومة إس 300 الروسية الموجودة في اليونان وسلوفاكيا وبلغاريا إلى أوكرانيا أولاً”. وكتب المحلل السياسي التركي باريش إيسان: “هذا المقترح لا يأتي حتى في عقل الشيطان”، وكتب آخر: “باختصار يقولون (الأمريكيون) بدل أن نمنح أوكرانيا منظومة باتريوت وندخل في حرب في روسيا، لتمنح تركيا إس 400 إلى أوكرانيا ونتركها فريسة لروسيا ولنشاهد فقط”.

واشترت تركيا منظومة “إس 400” من روسيا عقب رفض واشنطن بيعها منظومة “باتريوت”، وهو ما تسبب في واحدة من أكبر الأزمات بين البلدين، حيث طُردت تركيا من برنامج طائرات “إف 35” وفرضت عليها عقوبات مختلفة. وعلى الرغم من أن أنقرة استلمت المنظومة الروسية بالكامل وأجرت عليها كافة الترتيبات لتكون جاهزة للاستخدام، إلا أنها لم تعلن إدخالها الخدمة رسمياً بعد. ويجري بين الحين والآخر تداول مقترحات لإنهاء الأزمة، منها منح المنظومة لبلد ثالث أو تخزينها برقابة أمريكية داخل أو خارج تركيا، وهي مقترحات رفضتها أنقرة حتى اليوم.

S 400

وقبل إثارة قضية “إس 400″، حذر سياسيون ومغردون أتراك، مما اعتبروها محاولات أمريكية وغربية لـ”توريط” تركيا في مواجهة مع روسيا من خلال استغلال قضية طائرات “بيرقدار” المسيرة التي باعتها أنقرة لكييف، واستخدمها الجيش الأوكراني بفعالية كبيرة ضد الجيش الروسي، حيث كتب سياسيون غربيون ووسائل إعلام كبيرة عن “إنجازات بيرقدار والدعم العسكري التركي” وهو ما اعتُبر في أنقرة “محاولة لتوريط تركيا في صراع مع روسيا”.

وفي أكثر من مناسبة، أكد مسؤولون أتراك أن بلادهم تتخذ موقفاً وسطاً من الحرب القائمة بين البلدين، وأنها لا تنحاز لأي طرف، وتقود جهود وساطة متواصلة لوقف الحرب، معتبرة أن طائرات بيرقدار اشترتها أوكرانيا من “شركة تركية خاصة” وأن ذلك لا يعكس أي انحياز سياسي أو عسكري رسمي لأي طرف، وشدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده تتخذ مواقفها من الحرب بما يتلاءم مع مصالحها الوطنية ودون خسارة روسيا أو أوكرانيا.

وفي بداية الحرب، تعمدت أوكرانيا نشر مقاطع فيديو لتنفيذ ضربات جوية قالت إن جيشها ينفذها بواسطة “طائرات بيرقدار التركية” وهو ما رفضته أنقرة، وقالت إنها “طائرات أوكرانية اشترتها كييف من شركة تركية”، كما لم تحتف وسائل الإعلام التركية بضربات بيرقدار كما جرى سابقا في قرة باغ وليبيا وسوريا.

المقالات الأكثر قراءة

اترك تعليقاً