قبل أيام فقط من انطلاق كأس إفريقيا للأمم بالمغرب، اختار وليد الركراكي مخاطبة الجمهور بطريقة مختلفة بعد إعلان قائمة المنتخب المشاركة في البطولة، فبعيدًا عن ضجيج الندوات الصحافية، خرج برسالة واضحة: لا مجال للاكتفاء بالظهور المشرف، الهدف هو اللقب.
وفي تصريحاته، بدا المدرب الوطني أكثر تركيزًا وصرامة، مقرًّا بأن تنظيم البطولة بالمغرب يُحوّل الضغط إلى دافع إضافي، ويضع لاعبيه أمام مسؤولية غير مسبوقة.
الركراكي: لا صوت يعلو فوق صوت العمل
في ظهوره عبر قناة الجامعة على “يوتيوب”، برّر الركراكي الاستغناء عن الندوة الصحافية التقليدية برغبته في مضاعفة التركيز. قال بوضوح إن “مرحلة الكلام ستأتي لاحقًا”، أما الآن فالوقت للعمل فقط. هذا القرار يعكس رغبة الرجل في التحكم في التفاصيل، وتجنّب أي تشويش يمكن أن يعرقل آخر مراحل التحضير.
كما كشف أن الإعلان المباشر عن اللائحة يمنح الطاقم الفني وقتًا أطول للتجهيز البدني والتكتيكي، خاصة وأن المنتخب يدخل غمار البطولة تحت ضغط جماهيري وإعلامي استثنائي.
اختيارات مبنية على منهجية طويلة الأمد
أوضح الركراكي أن لائحة “الأسود” ليست نتاج أسبوع أو شهر، بل عملية متواصلة دامت أكثر من سنة ونصف، منذ نهاية مونديال قطر وكأس إفريقيا بالكوت ديفوار. اعتمد، حسب تصريحه، على ثلاثة أعمدة:
- الجاهزية البدنية،
- التجربة،
- الانسجام داخل المجموعة.
واستدل المدرب الوطني بسلسلة نتائجه الأخيرة: 19 انتصارًا وتعادل واحد فقط، مؤكداً أن الفريق بنى شخصية تنافسية قوية تتماشى مع أهدافه في كان المغرب.
لماذا 26 لاعبًا وليس 28؟
رغم إمكانية استدعاء 28 لاعبًا، اختار الركراكي الحفاظ على العدد التقليدي (26)، وهو قرار يراه البعض مفاجئًا. لكن المدرب دافع عنه بقوة: رفع العدد يُربك التوازن الذهني للمجموعة، خصوصًا في معسكر قصير وبطولة مضغوطة. “نريد مجموعة مركزة ومتماسكة”، يقول الركراكي. إنه فلسفة واضحة: الجودة قبل الكم.
ملف الاحتياطيين وإيغامان… مخاطرة محسوبة
توقف الناخب الوطني عند اختيار حمزة إيغامان ويوسف بلعامري كاحتياطيين. وأكد أن حالة إيغامان الصحية كانت موضوع دراسة دقيقة، وأن استدعاءه رغم الإصابة يبقى “مخاطرة محسوبة”، في إشارة إلى قيمته التكتيكية وحضوره القوي داخل المجموعة.
غياب جيل أقل من 20 سنة: قرار فني لا إقصاء
أثار غياب بعض الأسماء المتوجة بكأس العالم لأقل من 20 سنة نقاشًا واسعًا، لكن الركراكي فنّد فكرة الإقصاء. وأكد أن أغلبهم في مسار المنتخب الأول أو الأولمبي، وأن بعض الأسماء كانت قريبة جدًا من اللائحة النهائية. في الوقت نفسه، شدد على حضور الجيل الجديد داخل المجموعة، عبر أسماء مثل إلياس بنصغير، شمس الدين طالبي، حمزة أيت بودلال، إلياس أخوماش، وبلال الخنوس.
لقاء وليد الركراكي مع قناة الجامعة
ماذا تكشف هذه التصريحات عن توجه الركراكي الحقيقي؟
بعيدًا عن الجانب الإخباري، تحمل تصريحات الركراكي مجموعة رسائل يمكن قراءتها في سياق واضح:
أولًا: المدرب يبتعد عن أي خطاب دفاعي. لا يطلب وقتًا إضافيًا، ولا يتحدث عن صعوبات أو خصوم أقوياء. بل يضع هدفًا واحدًا أمام الجميع: الفوز باللقب. هذا نوع من “الإدارة بالضغط الإيجابي”، يستخدم فيه الركراكي الزخم الجماهيري لتعبئة لاعبيه نفسيًا.
ثانيًا: يراهن على الاستقرار أكثر من التجديد. اختياراته مبنية على انسجام دام لشهور، وليس على مفاجآت اللحظة الأخيرة. هذا يؤكد توجهه نحو الواقعية، خصوصًا في بطولة تُقام داخل المغرب، حيث الهزات التكتيكية قد تكون مكلفة.
ثالثًا: يدير الزمن بذكاء. إلغاء الندوة الصحافية، الإعلان المباشر عن اللائحة، توضيح معايير الانتقاء… كلها خطوات تُظهر رغبة في التحكم في الإيقاع، وتوجيه النقاش بعيدًا عن الجدل الإعلامي.
رابعًا: خطابه موجه للجمهور بقدر ما هو موجه للاعبين. حين يقول: “سنربح جميعًا أو نخسر جميعًا”، فهو يصنع رابطة ذهنية بين المدرجات وغرفة الملابس. بطولة داخلية تحتاج إلى هذا النوع من الوحدة الخطابية.
رسالة الختام: “هدفنا اللقب… ولن نقبل بأقل من ذلك”
اختتم الركراكي حديثه بنداء صريح للجماهير، التي وصفها بأنها “الأفضل في العالم”، مؤكدًا أن دعمها سيكون عنصرًا حاسمًا في واحدة من أقوى نسخ كأس إفريقيا. ووعد بأن المنتخب سيقاتل حتى النهاية من أجل تحقيق حلم طال انتظاره: التتويج بكأس إفريقيا في أرض المغرب.
- تم تحرير هذا المقال من قبل فريق موقع “أنا الخبر” اعتمادًا على مصادر مفتوحة، وتمت مراجعته بعناية لتقديم محتوى دقيق وموثوق.

التعاليق (0)