مقالة تنتقد بشدة الإعلام التونسي الرسمي، الذي يصفه الكاتب بالمنحدر. يتهم المقال القناة الوطنية 1 ببث تقرير معاد للمغرب، موجه بإيعاز من جهات أمنية تونسية، مما يمثل انحرافًا عن تاريخ تونس وعلاقاتها بالمغرب. يؤكد الكاتب على أن تونس تخضع للنفوذ الجزائري، وأن إعلامها يتبنى أجندة جزائرية، بما في ذلك التحريض على تقسيم المغرب. يختتم المقال بتحذير تونس من اللعب بالنار، مؤكدًا على قوة المغرب ووحدته الترابية.
✍️ نجيب الأضادي
في خطوة جديدة تكشف حجم الانحدار الذي بلغته مؤسسات الإعلام الرسمي في تونس، بثّت “القناة الوطنية 1” تقريرا موجّها، مُعاديا للوحدة الترابية للمملكة المغربية، ومحمّلا برسائل تحريضية لا تخطئها العين، وذلك بإيعاز مباشر من جهاز أمني تونسي داخلي.
هذا السلوك لا يمس المغرب وحده، بل يهين قبل كل شيء تاريخ تونس نفسها، ويضرب ما تبقى من مصداقية إعلامها العمومي في زمن أصبحت فيه البلاد — للأسف — تتحرك وفق الإملاءات الجزائرية أكثر مما تتحرك وفق سيادة قرارها الوطني.
▪️تونس التي عرفنا وزرتها شخصيا من قبل.. ليست تونس اليوم
نذكّر هذا الإعلام الرسمي الذي فقد بوصلته بالتاريخ القريب جدًا:
البلد التي احتضن جلالة الملك محمد السادس نصره الله خلال زيارته الرسمية، وتزين لاستقباله، هو نفسه الذي شاهد العالم كله ملك المغرب — رمز التواضع والانفتاح — يمشي في قلب شارع الحبيب بورقيبة دون بروتوكول، ويفتح أبواب الأمل أمام سياحة البلد، وقت كانت تمر من أزمة خانقة.

خطابه التاريخي أمام مجلس نواب الشعب التونسي، والذي دعا فيه صراحة إلى شراكة حقيقية بين البلدين، لم يكن مجرد زيارة بروتوكولية، بل كان رسالة تقدير للشعب التونسي وللبلد باعتبارها دولة شقيقة لها مكانة خاصة في قلب المغاربة.
ولكن… يبدو أنّها تغيّرت، ما نراه اليوم لا يمتّ لذلك التاريخ بصلة. فالنظام الحالي، تتخبط في مواقف عدائية تجاه المغرب، وتتبنى خطابًا رسميًا منحازًا بشكل فجّ وعلني لأطروحة انفصالية خاسرة، رضوخًا لضغوطات قادمة من الجارة الشرقية التي وجدت في الوضع التونسي هشاشة تسمح بالتدخل والتوجيه.
اليوم أصبح الإعلام العمومي للبلد منصة موازية للأجندة الجزائرية، لا صوتًا وطنيًا مستقلاً.
أصبح الحديث عن “الدولة الصحراوية الوهمية” جزءًا من خطاب يجهل التاريخ، ويتجاهل الشرعية الدولية، ويتطاول على المملكة المغربية وسيادتها التي لا تقبل المساومة.
▪️تحريض على تقسيم المغرب؟
أن يصل الأمر إلى التحريض على تقسيم شمال المغرب…فهنا نتجاوز حدود الخطأ الإعلامي إلى مستوى عداء رسمي مُمنهج، لا يليق بدولة كانت يومًا ما مرجعية في التوازن والاعتدال، قبل أن تنجرف نحو محاور إقليمية لا تملك تونس اليوم القدرة على الخروج من قبضتها.
▪️رسالة إلى الإعلام الرسمي للبلد:
قبل أن تتحدثوا عن المغرب…
استعيدوا سيادتكم أولًا.
استعيدوا استقلاليتكم.
استعيدوا قراركم الوطني الذي جعل البلد يومًا ما منارة في محيطها.
المغرب دولة ذات مؤسسات قوية، وتاريخ راسخ، ووحدة ترابية مصانة بإجماع الشعب المغربي وبالدعم الدولي الواسع.
وإن اختارت بعض الأطراف في بلد “بورقيبة” اللعب بالنار، فإنها لن تحرق إلا نفسها، لأن المغرب أقوى بكثير من أن تهزه تقارير مرتجلة أو دعاية مأجورة.
المملكة لا تُستفز، لكنها لا تنسى. والأشقاء الحقيقيون لا يطعنون من الخلف.
- مدون وكاتب رأي

التعاليق (0)