طارق السكتيوي: بين القيم الإنسانية والبراجماتية التكتيكية

طارق السكتيوي رياضة طارق السكتيوي

عندما يُذكر اسم طارق السكتيوي، يربطه الكثيرون بالصفات الإنسانية النبيلة مثل التواضع والاحترام والطيبة، وهي بلا شك خصال تميّزه. لكن تقييم أي مدرب يجب أن يتجاوز الانطباع الأول ويأخذ بعين الاعتبار الأداء التكتيكي والقدرات القيادية.

السكتيوي مثال على مدرب يجمع بين الإنسانية والبراعة الفنية، حيث تمكن من تحويل تحديات صعبة إلى إنجازات ملموسة، وهو ما سنحاول توضيحه في هذا المقال عبر استعراض السياق والظروف، أسلوب اللعب، والقدرة على اتخاذ القرارات المصيرية.

السياق والظروف: عامل أساسي لفهم الأداء

لا يمكن فهم مسيرة أي مدرب دون دراسة الظروف المحيطة بتحضير الفرق والمباريات. طارق السكتيوي واجه تحديات كبيرة في عدة بطولات، من الأولمبياد إلى كأس الشان ثم كأس العرب. غالبًا ما كانت فترة التحضير قصيرة، مع ضغوط كبيرة من الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وما يصاحب ذلك من نقص في الموارد أو التخطيط الأمثل.

رغم هذه العقبات، تمكن السكتيوي من تحقيق نتائج ملموسة تعكس قدرته على إدارة الفريق وتحفيز اللاعبين. هذا السياق يوضح أن التركيز فقط على أي نقائص سطحية في الأداء يعد تقييمًا غير موضوعي، بينما الإنجازات المحققة تحت هذه الظروف تعتبر استثنائية.

المرونة التكتيكية: أسلوب اللعب الذكي

أبرز ما يميز طارق السكتيوي هو مرونته التكتيكية وقدرته على التكيف مع كل مباراة وظروفها المختلفة. يعتمد عادة على نظام 4-2-3-1 يتحول دفاعيًا إلى 4-4-2، لكنه لا يرى هذه التشكيلة مجرد إطار جامد، بل وسيلة لتنظيم اللاعبين مع الحفاظ على القدرة على التحرك والتكيف.

في الأولمبياد، استغل الإمكانيات المتاحة لاعتماد الضغط العالي مع الاستحواذ والهجوم المستعرض، بينما في كأس الشان لجأ إلى أسلوب أكثر توازنًا ولعب مباشر لتجنب المخاطر المرتفعة.

أما في كأس العرب، فقد قدم مزيجًا من الأساليب، حيث اعتمد في أحيان كثيرة على Bloc Bas مع تركيز على التكتل الدفاعي، ثم انتقل إلى الضغط والاستحواذ في مراحل معينة، مع القدرة على ضرب العمق والهجوم من الأطراف.

تجعل هذه المرونة منه مدربًا قادرًا على تقديم مفاجآت تكتيكية للخصوم، فهو لا يلتزم بأسلوب واحد، بل يقرأ المباراة ويعدل الخطط وفق ما يتطلبه الواقع داخل الملعب. وهذا ما يميّزه عن العديد من المدربين الذين يلتزمون بنمط لعب ثابت، مهما كانت ظروف اللقاء.

البراجماتية والجرأة في اتخاذ القرارات

طارق السكتيوي لا يكتفي بالمرونة التكتيكية، بل يمتلك شخصية قوية وقرارات مستقلة. أمام الكاميرات قد يبدو هادئًا ومتواضعًا، لكنه في الواقع يتخذ قرارات تتطلب شجاعة حقيقية. استمراره في الاعتماد على لاعبين لم يقدموا بداية مثالية، وعدم الدفع بلاعب معين رغم ضغوط الجمهور والإعلام، وضم حمد الله رغم الانتقادات التي تلاحقه بعد مونديال فاشل وغياب طويل عن المنافسة، كلها أمثلة على قدرته على تنفيذ رؤيته التقنية بعيدًا عن الآراء الخارجية. هذه الجرأة تعكس ثقة كبيرة في تقييمه للواقع، وقدرته على اتخاذ قرارات استراتيجية لمصلحة الفريق على المدى الطويل، حتى لو كانت غير شعبية مؤقتًا.

والقيادة الإنسانية والتوازن النفسي

إلى جانب البراجماتية التكتيكية، يتمتع طارق السكتيوي بقدرة مميزة على إدارة اللاعبين نفسيًا. تواضعه وطيبته يجعلان منه شخصية محبوبة داخل الفريق، وهو قادر على كسب احترام اللاعبين من خلال تعامل متوازن يجمع بين الانضباط والتحفيز. هذه القدرة على الجمع بين القيادة الإنسانية والتحكم الفني تجعل الفريق يتجاوب بشكل أفضل، ويعزز الاستقرار النفسي داخل الملعب، وهو عامل غالبًا ما يُغفل عند تقييم المدربين.

طارق السكتيوي ليس مجرد مدرب ودود ومتواضع، بل نموذج متكامل للمدرب العصري يجمع بين القيم الإنسانية، المرونة التكتيكية، الجرأة في اتخاذ القرارات، والبراعة في إدارة الفريق تحت ضغوط شديدة. التركيز على أي نقاط ضعف سطحية دون النظر إلى الظروف المعقدة التي عمل فيها، لن يقدم تقييمًا موضوعيًا لمسيرته. الإنجازات التي حققها في مثل هذه الظروف تُعد استثنائية وتستحق التحليل والتقدير، فهو مثال حي على أن القيادة الحقيقية تجمع بين القلب والعقل على حد سواء.


  • تم تحرير هذا المقال من قبل فريق موقع “أنا الخبر” اعتمادًا على مصادر مفتوحة، وتمت مراجعته بعناية لتقديم محتوى دقيق وموثوق.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً