فيضانات آسفي: حين تتحول الكوارث الطبيعية إلى وقود للمزايدة الإيديولوجية!

فيضانات آسفي آراء فيضانات آسفي

بقلم: مصطفى العلمي

رحم الله ضحايا فاجعة آسفي، وعزاؤنا الصادق لأسرهم، لكن ما هو أبشع من السيول، هو سيل النفاق السياسي الذي أعقبها.

بمجرد انحسار المياه، خرجت علينا جوقة اليسار الراديكالي والإسلام السياسي، وفي مقدمتهم جماعة الإفك و البهتان، تصرخ بـ”المحاسبة”، لا ترحماً على الضحايا أو حباً لذويهم، بل شغفاً باستثمار الجثث في معركتهم المزمنة مع الدولة.

السؤال البديهي: من نحاسب؟
الدولة لأنها لم تمنع المطر؟
الحكومة لأنها لم تفاوض السحب؟
أم لأن الكارثة لم تُستشر الإيديولوجيا قبل وقوعها؟

الفيضانات تضرب أقوى دول العالم: أمريكا، اليابان، أوروبا… ومع ذلك لا نرى عاقلين يطالبون بمحاكمة الطبيعة أو إسقاط الدولة.

لكن عندنا، الكارثة تتحول فوراً إلى منصة تحريض، وسلّم رخيص لركوب الغضب الشعبي.

الطبيعة لا يسارية ولا إسلامية. والمطر – في الدين الذي يتاجرون به – رزق وقد يكون ابتلاء، لا منشوراً سياسياً ولا بياناً تنظيميا.

فلماذا يتذكرون “القضاء والقدر” فقط عندما يخدمهم، وينسونه عندما يفرض عليهم الصدق؟

نعم، يمكن مناقشة البنية التحتية، ووتيرة التدخل، وأوجه القصور. لكن بالعقل لا بالصراخ، وبالنقد المسؤول لا بتجييش الشارع، وبهدف الإصلاح لا هدم الثقة في الدولة.

اليسار المتطرف يرى في الدولة عدواً أبدياً. والإسلام السياسي يرى في كل مأساة فرصة لإحياء خطاب المظلومية.
والضحية دائماً: المواطن البسيط.

استغلال آلام الناس أخطر من الكارثة نفسها.

لأنه يزرع الشك، ويغذي الفوضى، ويقوض الاستقرار باسم “التعاطف”.

رحم الله ضحايا فيضانات آسفي.. أما تجار المآسي، فسينكشفون دائماً…لأن الشعوب تميز جيداً بين نقد صادق واستثمار قذر في دماء الأبرياء.

  • محرر سابق في جريدة الحرة

التعاليق (0)

اترك تعليقاً