سرّ الشهران: كيف ابتلع “الثقب الأسود” ثروة الجزائر؟

علم الجزائر آراء علم الجزائر

المقال ينتقد سياسات الجزائر التي تحول قضية الصحراء المغربية إلى "ثقب أسود" يلتهم ثروات الشعب، موجهةً نحو لوبيات الضغط والإعلام بدلاً من التنمية الداخلية. يرى الكاتب أن هذه الأموال لو استُثمرت في البنية التحتية والتعليم والصحة، لكانت الجزائر في وضع أفضل. يُختتم المقال بالتساؤل عن استمرار هذا النزيف المالي والسياسي، مع التأكيد على ضرورة تغيير هذه السياسات.

خلال شهرين اثنين فقط، تكشّف لنا جميعاً حجم التناقض الصارخ الذي يحكم بوصلة الجار الشرقي (الجزائر). فبقدر ما تتسع رقعة التبذير المالي خارج الحدود، تضيق آفاق التنمية والازدهار داخل الوطن والسبب “نكاية في المغرب”. إنها معادلة مُرة، نراقبها ونحللها بعين المغربي الذي يرى في استقرار الجار وتقدمه مصلحة مشتركة، لكنه في الوقت ذاته لا يستطيع غض الطرف عن الحقائق التي تفرض نفسها بحدة.

قضية الصحراء المغربية، وهي بالنسبة لنا قضية وجودية ومسألة إجماع وطني، حولها النظام الجزائري إلى “ثقب أسود” يبتلع ملايين الدولارات من الخزينة العامة ضد إرادة شعبه المحتاج ومن أجل عيون حفنة من الانفصاليين. هذه الأموال لم تُصرف على دعم المبادرات الثقافية أو الاستثمار في البحث العلمي، بل بُعثرت على:

  • لوبيات الضغط الأجنبية: لشراء الذمم وتشويه الحقائق في عواصم القرار.
  • حملات إعلامية مدفوعة: لضخ الروايات المضللة في وسائل إعلام عالمية.
  • شراء وعود سياسية: من أحزاب ووعدت بـ “تعطيل لوائح” داخل أروقة حساسة كالمفوضية الأوروبية، في صفقات مشبوهة لا تخدم سوى أجندة المكايدة السياسية.

المأساة الكبرى تكمن في المقايضة غير العادلة. هذه الملايين التي تُهدر في حروب دبلوماسية خاسرة وبعيدة عن هموم المواطن، كان يمكن أن تُحدث تحولاً جذرياً في حياة الجزائريين. تخيلوا معي:

  • مستشفيات حديثة ومجهزة تنهي معاناة التنقل للعلاج في الخارج.
  • مدارس ذات جودة عالية تفتح آفاق المعرفة للجيل الصاعد.
  • طرقات آمنة وبنية تحتية متطورة تربط أجزاء البلد الشاسع.
  • مصانع عملاقة توفر الآلاف من فرص الشغل للشباب الذي يعاني من البطالة.

خمسون عاماً من هذا النهج تكفي لتقييم سياسته. لو أن عائدات هذا البلد الغني بالموارد الطبيعية وُجّهت نحو الداخل والاستثمار في الإنسان، لكانت الجزائر اليوم في مصاف دول الخليج ازدهاراً وتطوراً. لكن بدلاً من ذلك، بقيت الطاقة مُكرّسة لخوض “معارك لا تطعم خبزاً ولا تُقدم تنمية”، فيما يكتفي الداخل بالعيش على وعود مؤجلة لا تتحقق.

المواطن الجزائري، الذي تُسحب ثروته من تحت قدميه لصالح الأجندات الخارجية، لا يزال يفتقد للصوت المؤثر في هذه الخيارات المصيرية. والأدهى من ذلك، أن جزءاً من هذا الشعب، وللأسف، يزكّي وينافح بشراسة عن هذه السياسات التي تُفقره، غير مُلتفت للحقيقة الواضحة: أن تأخره الاقتصادي ليس قدراً إلهياً، بل نتيجة مباشرة لتبديد ثروة بلاده على أجانب لا يهمهم مصيره ولا مستقبله.

إلى متى سيستمر هذا النزيف المالي والسياسي؟ وإلى متى ستظل ثروات بلد بأكمله رهينة للمناطحات الدبلوماسية العقيمة، بينما الداخل يصرخ طلباً لأبسط الحقوق التنموية والاجتماعية؟ إن الإجابة على هذا السؤال يجب أن تكون نابعة من صوت العقل والمنطق، لا من صدى الشعارات الجوفاء. ولهذا نقول للنظام الجزائري “راك غادي في الخسران أحمادي”.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً