القرار الأممي 2797 يضع الاتحاد الأفريقي في مأزق دبلوماسي، مؤكدًا الحل الواقعي للحكم الذاتي تحت السيادة المغربية. القرار يحصر معالجة الملف في الأمم المتحدة، ويُضعف دور الاتحاد، المقيد باعتراف شكلي بـ"الجمهورية الصحراوية". كما يُؤكد القرار على حصرية ولاية مجلس الأمن، ويجبر الهيئات الأخرى (اللجنة الرابعة) على الامتثال. القرار يمثل نقطة تحول نحو تسوية نهائية تحت إشراف الأمم المتحدة.
وجد الاتحاد الإفريقي نفسه في وضع دبلوماسي شديد التعقيد عقب صدور القرار 2797 عن مجلس الأمن الدولي. هذا القرار لم يكن مجرد تجديد تفويض، بل جاء ليؤكد بوضوح أن مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الحل الجاد، الواقعي، والوحيد القابل للتطبيق لقضية الصحراء المغربية.
لقد دعا القرار صراحةً الطرفين إلى مفاوضات مباشرة، خالية من الشروط المسبقة، مستندة إلى المبادرة المغربية، بهدف الوصول إلى حل سياسي نهائي ومقبول للطرفين، يضمن ممارسة سكان الأقاليم الجنوبية لحقهم في تقرير المصير عبر حكم ذاتي حقيقي تحت السيادة المغربية. كما رحب مجلس الأمن بالتزام أعضائه بتسهيل هذا المسار ودعم جهود المبعوث الأممي لتحقيق تقدم ملموس.
فخ “الاعتراف الشكلي” والالتزام الأممي
هنا يكمن التناقض الجوهري الذي يواجه الاتحاد الإفريقي:
- الإرث السياسي المتجاوز: ما يزال الاتحاد الإفريقي مقيّدًا بالاعتراف الشكلي بما يسمى “الجمهورية الصحراوية”. هذا الاعتراف يمثل إرثًا سياسيًا يعود لعقود مضت، ولكنه أصبح متجاوزًا بشكل متزايد في ضوء التطورات الإقليمية والدولية المتسارعة.
- الالتزام القانوني الحاسم: يقف في المقابل قرار القمة رقم 693 الصادر سنة 2018 في نواكشوط، موريتانيا، والذي حصر معالجة هذا الملف في إطار الأمم المتحدة فقط.
هذا التناقض وضع الاتحاد الإفريقي في موقف حرج؛ فهو عالق بين إرث سياسي عفى عليه الزمن، والتزام قانوني يلزمه بالصمت المؤسسي، ويمنعه من مجاراة الخطاب التخريبي لبعض الأطراف داخل المنظمة، وفي مقدمتها النظام العسكري الجزائري.
بذلك، فإن القرار 2797 يُكرّس التحول النهائي للملف إلى المسار الأممي الحصري، ويُضعف بشكل كبير محاولات تسييسه أو مناقشته داخل الاتحاد الإفريقي الذي بات ملزماً بالصمت المؤسسي في هذا الصدد.
اللجنة الرابعة وميثاق الأمم المتحدة: حصرية الولاية لمجلس الأمن
لم يقتصر تأثير القرار 2797 على الاتحاد الإفريقي فحسب، بل وجه رسالة قانونية حاسمة إلى الهيئات الأخرى داخل الأمم المتحدة، وتحديداً اللجنة الرابعة (لجنة المسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستعمار) التابعة للجمعية العامة.
لفهم هذا الأمر، يجب الرجوع إلى نصوص ميثاق الأمم المتحدة:
- المادة 10: تمنح الجمعية العامة صلاحية مناقشة المسائل ضمن نطاق الميثاق وتقديم التوصيات.
- المادة 12: تنص بوضوح على أن الجمعية العامة (وبالتالي اللجنة الرابعة) لا يمكنها إصدار توصيات حول نزاع أو موقف ينظر فيه مجلس الأمن الدولي بصفته الهيئة المسؤولة عن حفظ السلم والأمن الدوليين، إلا إذا طلب منها المجلس ذلك.
جاء القرار 2797 ليُؤكد ويُكرّس الولاية الحصرية لمجلس الأمن على ملف الصحراء المغربية، عبر تأكيد الصفة “الوحيدة” لمقترح الحكم الذاتي كحل جاد وواقعي.
في ضوء المادة 12، يصبح أي تحرك أو نقاش داخل اللجنة الرابعة أو الاتحاد الإفريقي حول ملف الصحراء المغربية منزوع الأثر القانوني والسياسي. مجلس الأمن هو صاحب القرار، وباقي الهيئات ملزمة بالامتثال لأولويته وتركيزه على الحل السياسي الواقعي الذي قدمه المغرب.
في الختام، يمثل القرار 2797 نقطة تحول حقيقية، حيث أنه لم يكتفِ بتأكيد الموقف المغربي، بل وضع المؤسسات الإقليمية والدولية (الاتحاد الإفريقي واللجنة الرابعة) أمام ضرورة مراجعة إرثها السياسي والالتزام الصارم بالهياكل القانونية للأمم المتحدة، مما يرسخ حصرية المسار الأممي للتوصل إلى تسوية نهائية لهذا النزاع المفتعل.

التعاليق (0)