يشرح المقال ظاهرة "الحصار الأزوري الإفريقي" التي تتسبب في غياب الأمطار عن المغرب. يسيطر مرتفع جوي ضخم (الآصوري والإفريقي) على المنطقة، مانعًا وصول المنخفضات الجوية الممطرة. هذا يؤدي إلى أجواء جافة ودافئة. يتوقع المقال تساقطات ضعيفة في الشمال الغربي نتيجة لتسربات محدودة، مع إشارة إلى احتمالية تغير الأحوال الجوية وعودة الأمطار في المستقبل.
شهدت خرائط الطقس الأخيرة مشهدًا جيولوجيًا لافتًا، يُبرز تحالفًا ضخمًا وعملاقًا في الغلاف الجوي فوق شمال إفريقيا وغرب أوروبا. هذا التحالف، الذي يمكن وصفه بالـ “انسداد الجوي” أو “الحصار القوي”، هو السبب الرئيسي وراء الاستقرار المناخي الجاف والدافئ الذي يخيم على المغرب بالخصوص، ويقف سدًا منيعًا أمام الآمال المعقودة على وصول السحب المُمطرة.
الهيمنة المزدوجة: المرتفع الآصوري يُدير الدفة
في قلب هذا المشهد الجوي تتربع منظومة ضغط عالية القوة، يمثلها المرتفع الآصوري الذي يتمركز غرب القارة الإفريقية بضغط يتجاوز 1029 h. ;لا يكتفي هذا المرتفع بالبقاء في موقعه المعتاد، بل يمد نفوذه بقوة نحو الشرق، ليتصل عملياً بمنطقة الضغط المرتفع المستقرة فوق الصحراء الكبرى، فيما يمكن تسميته مجازاً بالمرتفع الإفريقي/الصحراوي.

هذا التمدد الشرقي للمرتفع الآصوري ليس مجرد ظاهرة عابرة، بل هو جدار ضغط مانع (Blocking High). يعمل هذا الجدار بفعالية قصوى على إعادة توجيه مسارات المنخفضات الجوية الباردة والرطبة التي تنشأ عادة فوق المحيط الأطلسي. فبدلاً من أن تسلك هذه المنخفضات طريقها المعتاد نحو المغرب وشمال إفريقيا، تُجبر على الانحراف شمالاً نحو أوروبا، تاركة خلفها أجواءً مستقرة، يسودها هبوط الهواء الذي يُسهم في تسخينه وتجفيفه، وهي بيئة لا تسمح بتكون السحب الماطرة.
أمطار الحواف… بصيص أمل محدود
نتيجة لهذا الحصار، تظل فرص التساقطات المطرية الواسعة النطاق شبه معدومة في الوقت الراهن. ومع ذلك، لا يزال هناك بصيص من الأمل يلوح في الأفق، وهو ما يُعرف بـ “التسربات المطرية” التي تحدث على حواف هذه المنظومة العملاقة.
ويُرجح أن تشهد أقاليم أقصى الشمال الغربي ل”المغرب”، وتحديداً المناطق الممتدة بين طنجة والعرائش وتطوان، تساقطات ضعيفة إلى متوسطة الثلاثاء 25 نونبر وأيضا الأربعاء. هذه الأمطار هي نتاج تسرب محدود للكتل الهوائية الرطبة من الشمال الشرقي، أي من جهة البحر الأبيض المتوسط، وهي لا تمتلك القوة أو الامتداد الكافي لتغطي مساحات شاسعة، التأثير قد يمتد بشكل ضعيف ومتقطع ليشمل مناطق الريف الغربي، وبعض مرتفعات الأطلس المتوسط، وصولاً إلى الساحل الأطلسي كالجديدة وسهل سايس، لكنها في المجمل لن تكون كافية لتغيير ميزان الجفاف.

إن هذا الاستقرار الجوي، بالرغم من استمرار قوته، لا يعني ثباتاً مطلقاً. فالأنظمة الجوية ديناميكية، وتُشير التوقعات إلى أن هذا التحالف القوي قد يبدأ بالتراخي والتحول مع مطلع الشهر المقبل. حينها، قد تتاح فرصة للمنخفضات الجوية الأطلسية لاستعادة طريقها الطبيعي، ما قد يُبشر بالعودة التدريجية للأمطار التي طال انتظارها.
تم تحرير هذا المقال من قبل فريق موقع “أنا الخبر” اعتمادًا على مصادر مفتوحة، وتمت مراجعته بعناية لتقديم محتوى دقيق وموثوق.

التعاليق (0)