خطاب الركراكي يشعل النقاش: هل يُحضّر المغاربة نفسياً قبل البحث عن لقب كأس إفريقيا؟

وليد الركراكي وكأس أفريقيا رياضة وليد الركراكي وكأس أفريقيا

مع اقتراب انطلاق كأس أمم إفريقيا “المغرب 2025”، بدا واضحًا أن وليد الركراكي اختار التواصل المباشر مع الجمهور قبل الدخول في تفاصيل المنافسة. ففي تصريحاته الأخيرة، لم يكتفِ المدرب بالحديث عن اللائحة أو الخصوم، بل ركّز بالأساس على نقطة يعتبرها “السلاح الأول”: الجمهور المغربي.

وهذا حضور لافت يعكس أنّ المرحلة المقبلة لا تتعلق فقط بالجانب التقني، بل بخلق تعبئة نفسية وجماعية قبل لحظة الحقيقة.

دعم الجمهور… رسالة استراتيجية وليست مجاملة

عندما يقول الركراكي: “الجمهور المغربي أفضل جمهور في العالم… ومَاشِي الركراكي الّي غايربح الكان، المغاربة كاملين غايربحوها”، فهو لا يطلق جملة عاطفية فقط. المدرب يُدرك أنّ المغرب يدخل هذه النسخة بضغط أكبر من أي وقت مضى: تنظيمٌ على أرضه، ولقب غائب منذ عقود، وتوقعات جماهيرية في مستوى مونديال قطر حينما وصل أسود الأطلس لنصف النهائي.

الركراكي يستبق هذا الضغط برسالة واضحة: “اللقب لن يُنسب إلى شخص، بل إلى بلد”. إنها محاولة واعية لتوسيع دائرة المسؤولية، وتخفيف الحمل النفسي عن اللاعبين، وخلق شعور بالاشتراك الجماعي في المهمة، وهي استراتيجية تضبط حرارة الشارع وتُحوِّلها من ضغط سلبي إلى دعم إيجابي.

هدف بلوغ ثمن النهائي… واقعية تكتيكية أم تخفيفٌ للضغط؟

من المثير للانتباه أن المدرب تحدث عن “هدف بلوغ ثمن النهائي” رغم أن طموحات المغاربة تتجاوز ذلك بكثير. لكن هذا التصريح يمكن قراءته من زاويتين:

. القراءة التقنية

الركراكي يؤكد أن “لا توجد مباراة سهلة في إفريقيا”، وهي حقيقة يعرفها جيدًا. منذ 2013، لم تفز أي قوة كروية إفريقية بسهولة في الأدوار الأولى، والمنتخبات الصغيرة أصبحت تنافس بقوة. لذلك، العودة إلى خطاب الواقعية هو تذكير بأن كأس إفريقيا ليست بطولة منطقية، وأن البداية أهم مرحلة في تحديد المسار.

. القراءة النفسية

الإعلان المبكر عن طموح معتدل يُعدّ أسلوبًا لتخفيف الضغط عن اللاعبين، خاصة وأن المباراة الافتتاحية ستكون أمام جزر القمر، خصم يُنظر إليه غالبًا كـ“مباراة سهلة”، وهو ما يحاول الركراكي نفيه كي لا يقع اللاعبون في فخ التراخي.

معايير اختيار اللائحة: التنافسية قبل الأسماء

الركراكي أوضح أن اللائحة النهائية جاءت نتيجة سنة ونصف من العمل التقني، مبنية على ثلاثة عناصر أساسية:

. الإيقاع التنافسي

رسالة للّاعبين: “من لا يلعب مع فريقه لن يدخل في أجواء الكان بسهولة”.
المغرب يعتمد على لاعبين محترفين في دوريات مختلفة، والفوارق في نسق اللعب تصبح حاسمة في بطولة قصيرة وشرسة.

. الانسجام

المدرب يفضّل مجموعة متجانسة يعرف بعضها البعض جيدًا. هذا يشير إلى استمرار اختياراته السابقة وتفضيله مشروع البناء على المدى المتوسط بدل تغييرات مفاجئة.

. التوازن داخل اللائحة

إعلان 28 لاعبًا (قبل تقليص العدد المسموح به) يؤكد أنه يريد بدائل جاهزة لكل مركز، ومعالجة الخصاص الذي ظهر في بعض المباريات السابقة.

هذه المعايير تُظهر أن الركراكي يراهن على “الاستمرارية” أكثر من المغامرة، وأنه يريد تفادي سيناريوهات سابقة كان فيها المنتخب يصل الكان وهو يبحث عن تركيبة جديدة.

“نكبر داخل البطولة”… فلسفة مباريات خروج المغلوب

عندما يقول الركراكي: “ندخل البطولة ونكبر فيها”، فهو يعترف بأن المنتخب ليس في “قمة جاهزيته” في هذه اللحظة، لكن الإيقاع سيتصاعد تدريجيًا. هذه مقاربة يستخدمها عادة المدربون الذين يثقون في جودة فريقهم على المدى المتوسط داخل البطولة، وليس فقط قبلها.

هي إشارة إلى أن المغرب قد يبدأ بحذر، لكنّه يراهن على تسارع الأداء بعدما يصل إلى الأدوار الإقصائية.

الركراكي يُدير البطولة قبل أن تبدأ

خطاب وليد الركراكي هذه الأيام ليس مجرد تواصل إعلامي. إنه جزء من إدارة البطولة:

  • تخفيف الضغط دون خفض الطموح.
  • توحيد الجمهور حول مهمة مشتركة.
  • توجيه اللاعبين نحو الاستقرار الذهني.
  • الدفاع عن اختياراته بطريقة هادئة ومنطقية.

الرسالة الأكبر: المنتخب يدخل “كان المغرب 2025” بخطة نفسية واضحة، وهو ما يعطي الانطباع بأن الطاقم التقني تعلّم الكثير من تجارب السنوات الأخيرة، خصوصًا ما بعد كأس العالم الأخيرة.

اليوم، يبدأ الامتحان الحقيقي: هل يستطيع المنتخب تحويل هذا الخطاب المتماسك إلى أداء مقنع ونتائج تليق بمنتخب يلعب على أرضه؟


  • تم تحرير هذا المقال من قبل فريق موقع “أنا الخبر” اعتمادًا على مصادر مفتوحة، وتمت مراجعته بعناية لتقديم محتوى دقيق وموثوق.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً