على أعتاب انطلاق عملية “مرحبا 2025” لاستقبال أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، يجد ميناء طنجة المتوسط نفسه في مواجهة تحدٍ غير متوقع قد يؤدي إلى اكتظاظ وفوضى غير مسبوقين.
ويأتي هذا التهديد نتيجة قرار مفاجئ ومثير للجدل اتخذته الإدارة العامة الإسبانية للمرور، يقضي بفرض غرامات مالية باهظة على المغاربة العابرين من مدينة سبتة المحتلة برخص سياقة مغربية.
وقد شكل هذا القرار، الذي ينص على فرض غرامة قد تصل إلى 500 يورو، صدمة حقيقية لأفراد الجالية المغربية الذين يستعدون للعودة إلى أرض الوطن. وتكمن خطورة القرار في أنه جاء دون أي إنذار مسبق أو تنسيق مع السلطات المغربية، وهو الإجراء الذي حوّل وثيقة أساسية ورسمية كرخصة السياقة إلى مصدر للعقوبات المالية.
وقد اعتبر الكثيرون هذا الإجراء بمثابة خطوة عقابية مبطنة، تزيد من شعور مغاربة المهجر بالتهميش، خاصة مع توقيته الحساس الذي يسبق ذروة العبور الصيفي.
وكان رد الفعل الطبيعي والفوري على هذا القرار هو توجه آلاف المسافرين إلى تغيير خطط رحلاتهم بشكل عاجل، وتجنب العبور عبر سبتة، وتحويل وجهتهم بشكل جماعي وكثيف نحو ميناء طنجة المتوسط.
ومن شأن هذا التحول المفاجئ أن يضع ضغطاً هائلاً على البنية التحتية للميناء وخدماته اللوجستية، التي، ورغم استعدادها السنوي لاستقبال أعداد كبيرة، قد لا تكون مهيأة بالكامل لهذا التدفق الاستثنائي والمفاجئ الذي لم يكن في الحسبان.
والسؤال الذي يطرحه الجميع الآن بقلق هو: هل السلطات المغربية المسؤولة عن تنظيم عملية “مرحبا” مستعدة لاستيعاب هذا الضغط الإضافي وغير المتوقع؟ وهل تم اتخاذ تدابير استعجالية لتعزيز الموارد البشرية واللوجستية في ميناء طنجة المتوسط لتفادي مشاهد الطوابير والانتظار الطويلة التي شهدتها سنوات سابقة وأرّقت المسافرين؟
وبعيداً عن الجانب اللوجستي، يبقى التساؤل الأكبر مطروحاً حول إمكانية إيجاد حل دبلوماسي عاجل لهذه الأزمة الناشئة. فهل ستتدخل الدبلوماسية المغربية؟ وهل ستتراجع السلطات الإسبانية عن قرارها، أو على الأقل تعترف بالرخص المغربية بشكل مؤقت في مراكز العبور خلال فترة “مرحبا” لتخفيف معاناة أفراد الجالية الذين لا يطالبون سوى بعبور سلس وآمن نحو وطنهم لقضاء عطلتهم مع ذويهم؟
من الواضح أن عملية “مرحبا” هذا العام باتت أمام اختبار حقيقي، حيث أعاد قرار إداري إسباني بسيط تشكيل خارطة العبور بالكامل، ووضع ميناء طنجة المتوسط والبنية التحتية المغربية في مواجهة مباشرة مع ما قد يكون تحدي الجاهزية الأكبر في تاريخ عملية العبور.
التعاليق (0)