كيف أفشل المغرب مخططاً خارجياً يستغل احتجاجات الشباب؟

علم المغرب آراء علم المغرب

يشهد المغرب خلال الأيام الأخيرة موجة احتجاجات شبابية أثارت الكثير من النقاش، سواء حول طبيعة هذه التحركات أو خلفياتها. التحليل الدقيق لما جرى يكشف أن الأمر لم يكن مجرد تعبير اجتماعي داخلي، بل محاولة متشابكة استغلتها أطراف خارجية، وهو ما جعل الدولة المغربية تتحرك على مستويات متعددة لإجهاض الخطر، وتحويله في الوقت نفسه إلى فرصة للتعلم واكتساب مناعة جديدة.

إشارات مبكرة على وجود مخطط خارجي

المؤشرات برزت منذ مدة، بدءاً من قضية “أسلحة الراشيدية”، مروراً بـ“تسريبات جبروت” ومقالات بعض الصحف الأجنبية مثل لوموند، إضافة إلى استراتيجية رقمية دقيقة شاركت فيها عناصر مغربية عميلة. غير أن المغرب أظهر قدرة على الاستباق:

  • تعزيز الأمن السيبراني بإسناد المديرية العامة لأمن نظم المعلومات للجنرال عبد الله بوطريق.
  • فرض التأشيرة قبل أشهر قليلة من كأس إفريقيا، كإجراء وقائي.
  • تأكيد الملك محمد السادس، لأول مرة في خطاب العرش، على أن الانتخابات ستجرى في موعدها القانوني، أي قبل أكثر من عام من استحقاقها.

احتجاجات أكادير… الشرارة المنتظرة

هذه الاحتجاجات لم تكن كسابقاتها، إذ استُعملت فيها التكنولوجيا الحديثة للتعبئة والتخطيط من الخارج، في مشهد يشبه “حرب العصابات الرقمية” التي تتفوق فيها السرعة والمفاجأة على رد الفعل. وهو ما جعل الأجهزة الأمنية تعتمد مقاربة دقيقة:

  1. المستوى الأمني: منع الفوضى عبر التوقيفات القانونية وجمع المعلومات وتشتيت محاولات التنظيم.
  2. المستوى المجتمعي: تجنب شيطنة المحتجين أو اتهامهم بالخيانة، مع تبني المطالب المشروعة وانتقاد السياسات الحكومية حتى لا يتحول الغضب إلى أزمة غير قابلة للحل.

غياب الإعلام القوي وصمت السياسيين

رغم الجهد الأمني، يظل المشكل الأعمق في ضعف الإعلام الوطني، غير القادر على مخاطبة الرأي العام بلغة الأرقام والحقائق. فمثلاً، كثيرون يجهلون أن ميزانية التعليم السنوية (113 مليار درهم) تفوق أربع مرات ميزانية بناء ملاعب المونديال (20 مليار درهم). كما أن الأزمة كشفت عجز الطبقة السياسية التي تنتظر دوماً التوجيهات الملكية بدل تقديم حلول واقعية.

من الأزمة إلى “لقاح مضاد”

التجربة المغربية في التعامل مع هذه التحركات أبرزت أن الدولة تسعى إلى قطع خيوط التدخل الخارجي من دون إعلان ذلك بشكل مباشر. على غرار ما وقع في احتجاجات الريف، حيث أنهى خطأ واحد الأزمة، يبدو أن السلطات تراهن اليوم على تفادي أخطاء العنف، وتحويل هذه الأحداث إلى فرصة لصقل الخبرة وتعزيز المناعة الوطنية.

الشباب بين الغضب والأمل

الأجمل في هذه المرحلة أن الشباب المغربي، رغم الاحتجاج، لم يقارن أوضاع بلاده بدول أخرى، بل صار يقارن بين جودة قطاعات مختلفة داخل المغرب نفسه. هذا يعني أن تطلعاته باتت “داخلية” أكثر من كونها “هجرية”. فالشباب يريد مغرباً عالمياً في جودة العيش، وليس منفذاً للرحيل.

الخلاصة

المغرب يمر اليوم من اختبار جديد، قد يفتح الباب لإصلاحات عميقة على مستوى الحكامة الاقتصادية والإدارية، ويعزز الاستثمار ويحد من البطالة. وفي المقابل، تظل الاحتجاجات السلمية أداة ضغط مشروعة وضرورية، شريطة أن توجه لإصلاح المرافق العمومية ومحاربة الفساد، لا أن تتحول إلى أداة ابتزاز خارجي.


  • بقلم: هيئة التحرير

التعاليق (0)

اترك تعليقاً