فك شفرة الخوف الإسباني: لماذا تُضخّم الصحافة الكنارية تحديث المغرب الجوي وتتجاهل ترسانة الجزائر؟

تحديث المغرب الجوي يخيف إسبانيا مختارات تحديث المغرب الجوي يخيف إسبانيا

المقال يحلل دوافع الإعلام الإسباني في تضخيم "الخطر" المغربي، خاصة بشأن تحديث سلاحه الجوي (F-35). يتجاهل المقال صمت الإعلام عن تسلح الجزائر، ويرى أن الخوف الإسباني "ورقة سياسية" لأجندات داخلية، ووسيلة لتعبئة الناخبين في الكناري. يؤكد المقال على ضرورة تحديث المغرب لقدراته الدفاعية سياديًا، وعلاقاته الاستراتيجية القوية مع أمريكا وإسبانيا.

في كل مرة يخطو فيها المغرب خطوة نوعية نحو تحديث ترسانته الدفاعية، تعود أسطوانة “الخطر”‘ للصدح بقوة في وسائل الإعلام الإسبانية، خاصة في جزر الكناري. مؤخراً، كان الحديث عن احتمال حصول المغرب على مقاتلات F-35 المتطورة كافياً لإعادة إشعال هذه السردية المكررة، التي تحاول تصوير أي جهد سيادي مغربي لحماية مجاله الجوي كتهديد مباشر لجيرانه الشماليين. والأغرب هو الصمت المطبق من نفس هذه الأوساط إزاء التضخم الهائل والمستمر للترسانة الروسية في منطقة المغرب العربي.

هل هذا الخوف حقيقي أم أنه مجرد ‘ورقة سياسية’ يتم تحريكها داخلياً؟ وما هي الدوافع الحقيقية وراء هذا التضخيم الإعلامي؟ في هذا التحليل العميق، نفكك شفرة السردية الإسبانية، ونضع تحديث القدرات الدفاعية المغربية في سياقها الصحيح كضرورة سيادية لرفع الجاهزية وضمان الاستقرار الإقليمي، بعيداً عن ضجيج الأجندات الانتخابية والجدل الداخلي في مدريد.”

أسطوانة التهديد المكررة: صمت عن الروسية وتركيز على الـ F-35

يعكس رد فعل إعلام الكناري على تقارير تقدم المشاورات بين الرباط وواشنطن حول مقاتلات F-35 (ذات القدرات الشبحية المتقدمة) ازدواجية واضحة في المعايير. هذا التضخيم يتجاهل الواقع الاستراتيجي المعقد للمنطقة:

  • التركيز الانتقائي: يتم تصوير كل تحديث دفاعي مغربي على أنه خطر مباشر على الأمن الإسباني وجزر الكناري. في المقابل، تسكت نفس الصحف عن التضخم المستمر وغير المتوازن لترسانة الجزائر من الأسلحة الروسية، رغم أن هذا التضخم هو المصدر الحقيقي للتوتر في البيئة المغاربية.
  • تشويه الرؤية: السردية الإسبانية تحاول أن تنسف الرؤية السيادية المغربية التي تهدف ببساطة إلى حماية المجال الجوي والبحري ورفع الجاهزية القتالية للقوات المسلحة الملكية، وهو حق مشروع لأي دولة ذات سيادة.

التحديث المغربي: ضرورة سيادية لحماية المجال الحيوي المتوتر

إن زيادة موارد الدفاع في مشروع مالية 2026، والصفقات العسكرية المتقدمة، لا تمثل “سباق تسلح ضد أحد”، بل هي جزء لا يتجزأ من مسار إصلاحي مستمر يرتكز على دوافع داخلية وواقعية:

  • رفع الجاهزية للردع: المملكة تعمل وسط بيئة مغاربية متوترة بشكل متصاعد. التحديث الدفاعي هو آلية لضمان الردع الفعّال والحفاظ على التوازن الاستراتيجي في المنطقة.
  • حماية المجال الأطلسي: مع تزايد أهمية الواجهة الأطلسية للمغرب ودوره في الملاحة الدولية، يصبح تطوير القدرات الجوية والبحرية ضرورياً لحماية المصالح الاقتصادية والأمنية الحيوية.
  • شراء تقنيات وليس سلاحاً هجومياً: الصفقات المبرمة (مثل F-16 Vipers، أو احتمال F-35) تركز على التكنولوجيا والقدرات الدفاعية الحديثة التي تضمن التفوق النوعي في مهام الاستطلاع والسيطرة الجوية والدفاع الإلكتروني.

الخوف كـ “ورقة انتخابية”: أزمة سلاح الجو الإسباني وتكتيكات الكناري

هنا يكمن الجواب عن دوافع الضجيج الإعلامي. الخوف الإسباني ليس عسكرياً بحتاً، بل هو في الغالب أداة لخدمة أجندات سياسية داخلية:

  • جدل الـ F-35 الداخلي: تواصل مدريد جدلها الداخلي حول مستقبل سلاحها الجوي بعد التخلي عن خيار الحصول على مقاتلات F-35. التخويف من التفوق المغربي المحتمل يُستخدم كـ عصا ضغط على الحكومة المركزية للإسراع بتأمين بدائل قوية وعصرية لسلاح الجو الإسباني.
  • تعبئة الناخبين في الكناري: جزر الكناري تُعد منطقة حساسة انتخابياً. استخدام ورقة “الخطر المغربي” هو تكتيك محلي قديم لحشد الأصوات وتعبئة الرأي العام حول قضية الأمن القومي، وإبعاد التركيز عن الإخفاقات السياسية أو الاقتصادية الداخلية.

شريك استراتيجي لواشنطن وعامل استقرار لمدريد

المغرب يمتلك علاقات دولية واستراتيجية متينة تنفي بشكل قاطع تهمة كونه “مهدداً” لجيرانه الشماليين:

  • الثقة الأمريكية: المغرب شريك موثوق للولايات المتحدة في إفريقيا والمتوسط، ومناورات “الأسد الإفريقي” السنوية دليل لا يُدحض على عمق هذه الثقة الاستراتيجية.
  • الأمن المشترك مع إسبانيا: التعاون الأمني والاستخباراتي القوي بين الرباط ومدريد هو حجر الزاوية في استقرار المنطقة بأسرها. هذا التعاون يشمل مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة، ويخدم أمن جزر الكناري نفسها بشكل مباشر.

الحقيقة وراء الضجيج الإعلامي

إن الضجيج الإعلامي الإسباني حول التحديث الجوي المغربي هو مزيج من قلق استراتيجي مفهوم (ناجم عن الإحساس بتغير موازين القوى النوعية) وتوظيف سياسي مبيت لهذا القلق.

المغرب، في المقابل، يواصل مساره السيادي الهادئ، مدركاً أن الأمن القومي لا يترك للصدف ولا للرضى الإقليمي، بل يُبنى على رفع الجاهزية الذاتية وتعميق الشراكات الاستراتيجية التي تخدم مصالح المملكة العليا.

في رأيك، هل سينجح الإعلام الإسباني في استخدام ورقة “الخطر المغربي” للضغط على حكومة مدريد لتسريع خططها الدفاعية؟ شاركنا برأيك في التعليقات.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً