يُشعل الحديث عن إصلاح مجلس الأمن الدولي وتخصيص مقعدين دائمين للقارة الأفريقية سباقاً محموماً بين أقطاب القارة السمراء. فالمعضلة ليست في عدد المقاعد، بل في معيار القبول الصارم؛ فـمجلس الأمن لا يقبل الدول التي لا وزن ولا قيمة ولا هيبة لها. هذا المعيار يفرض على المرشحين أن يكونوا ثقلاً جيوسياسياً قادراً على صياغة القرارات، وليس مجرد حاضر هامشي.
في هذا المشهد المُلتهب، تبرز خمس قوى أفريقية كبرى تتنافس على مقعدين لا يتسعان إلا لأصحاب النفوذ الحقيقي. وقد رصدت شبكة الجزيرة نت هذه القوى وحددت عوامل ترشحها الرئيسية، وهي: المغرب، مصر، نيجيريا، جنوب أفريقيا، وإثيوبيا.
المغرب: اللاعب الاستثماري بعلاقات الغرب القوية
يتصدر المغرب قائمة المرشحين العرب والأفارقة بأوراق قوة استراتيجية لا يمكن تجاهلها. فمكانة المملكة تتجاوز الجغرافيا لتصبح قوة إقليمية صاعدة بثقل دبلوماسي مؤثر.
- يُعدّ المغرب ثاني أكبر مستثمر أفريقي، وهو ما يعكس ثقلاً اقتصادياً وعمقاً استراتيجياً في القارة.
- تتميز المملكة بـعلاقات دولية قوية وراسخة مع الغرب، مما يمنحها هامش مناورة وثقة في المحافل الدولية العليا.
- يؤدي المغرب دوراً متنامياً ومحورياً في القضايا الإقليمية، مستخدماً دبلوماسية فاعلة وخبرة تاريخية في حل النزاعات وحفظ السلام.
إن امتلاك المغرب لهذه الأوراق يضعه في خانة الدول القادرة على الموازنة بين المصالح الأفريقية والتوازنات الدولية المعقدة، وهو ما يُعدّ مقوماً أساسياً لا يقبل به مجلس الأمن أي تهاون.

تكتل القوة الأفريقية: عمالقة ينافسون بالثقل
وإلى جانب المغرب، تتنافس أربعة عمالقة آخرين بأوراق ضغط قوية تزيد من حدة السباق:
- مصر: بثقلها الجيوسياسي ودورها المحوري عربياً وأفريقياً، وخبرتها الطويلة في العمليات العسكرية والدبلوماسية الإقليمية والدولية.
- نيجيريا: صاحبة الوزن السكاني الأكبر في أفريقيا، واقتصادها النفطي القوي، وتاريخها في التمثيل المتكرر في مجلس الأمن كعضو غير دائم.
- إثيوبيا: باعتبارها رمزاً تاريخياً للاستقلال، وكونها مقراً للاتحاد الأفريقي، تتمتع بنفوذ جيوسياسي حيوي في منطقة القرن الأفريقي.
- جنوب أفريقيا: تستمد قوتها من وزنها الاقتصادي والسياسي الكبير، مما يمنحها شرعية واسعة في دوائر القرار الأفريقية.
الرهان الأخير.. صوت أفريقيا الموحد
إن التنافس بين هذه القوى الخمس لا يقل أهمية عن معركة الإصلاح نفسها. فالمقعد الدائم في مجلس الأمن هو تجسيد لـ”الوزن العالمي” للدولة وقدرتها على تحقيق العدالة للقارة. ويظل الرهان هو من سيقدم نفسه ليس فقط كقوة إقليمية، بل كـصوت أفريقيا القوي الموحد القادر على مواجهة التحديات الدولية، وهو الدور الذي يتطلب أقصى درجات الهيبة والوزن السياسي الذي يمتلك المغرب فيه أوراقاً رابحة في حلبة الدبلوماسية الدولية.

التعاليق (0)