عصيد والمغاربة: هل نخطط للسلام أم للانتقام بعد النصر الدبلوماسي؟

فرحة شعبية بالنصر الدبلوماسي (قرار مجلس الأمن) تقابلها دعوة الكاتب أحمد عصيد لـ 'التخطيط للسلام لا الانتقام مختارات فرحة شعبية بالنصر الدبلوماسي (قرار مجلس الأمن) تقابلها دعوة الكاتب أحمد عصيد لـ 'التخطيط للسلام لا الانتقام

بعد قرار مجلس الأمن، انقسم المغاربة حول التعامل مع الجارة الجزائر. عصيد يدعو للسلام و"حسن الجوار" بدل الانتقام، مؤكداً على أهمية التعاون. بينما يرى آخرون أن الفرحة بالانتصار حق، والتعالي ليس من شيمهم، مع التأكيد على مواقف الملك. النقاش يعكس نضجاً في تحديد كيفية ترجمة النصر الدبلوماسي في سلوكهم، بين الفرح والحكمة، مع إدراك أن الاستقرار يتطلب احتراماً متبادلاً.

بعد قرار مجلس الأمن التاريخي الداعم لمبادرة الحكم الذاتي، عمّت الفرحة مختلف المدن المغربية، وازدحمت مواقع التواصل بصور وأعلام وطنية ومقاطع احتفال. غير أن الكاتب والباحث أحمد عصيد وهو أحد أبرز المثقفين المغاربة، خالف هذا المزاج العام بدعوة هادئة قال فيها إن “ما ينبغي أن يفعله المغاربة بعد هذا الانتصار هو الدعوة إلى تقوية أواصر حسن الجوار، والتخطيط للسلام لا الانتقام”.
كلمات قليلة كانت كفيلة بإشعال نقاش واسع حول معنى الفرح، وحدود التشفي، وطبيعة العلاقة مع الجارة الشرقية.

تدوينة الكاتب المغربي

عصيد: “التخطيط للسلام أجدى من مشاعر الانتقام”

في منشوره الذي تداوله آلاف المغاربة، شدّد عصيد على أن الانتصار الحقيقي ليس في إضعاف الجار، بل في ترسيخ قيم التعاون والاستقرار في المنطقة.
وأضاف: “يجب أن نجعل الأجيال القادمة تتجنب آثار أخطائنا السابقة”.
كلام يلتقي في عمقه مع ما دعا إليه الملك محمد السادس مراراً في خطاباته: بناء مغرب عربي يسوده حسن الجوار، وترك منطق الخلاف لصالح منطق التعاون.

ردود الفعل: بين من صفق للحكمة ومن رفض “التهدئة الزائدة”

في المقابل، تباينت التعليقات على مواقع التواصل بشكل لافت. فبين من رأى في كلام عصيد صوت العقل، ومن اعتبره “تساهلاً مفرطاً”، برزت عشرات الآراء تعبّر عن عمق الانقسام في المزاج الشعبي.

“موقف راقٍ في زمن تغلب فيه لغة الانفعال على صوت الحكمة”، كتب أحد المعلقين، مضيفاً أن “شعباً عظيماً كالمغرب لا يليق به منطق الشماتة أو الانتقام”.

بينما ردّ آخر قائلاً: “المغرب والجزائر إخوان وُلدوا من بطن واحدة، لكن كُتب عليهما أن لا يتفاهما، ومع ذلك يبقى الصلح بين الإخوة أجمل صلح على الإطلاق.”

في المقابل، كتب أحدهم بحدة: “الموقف الرسمي الوحيد هو ما عبّر عنه الملك محمد السادس حفظه الله. أما كلام بعض اليوتيوبرز والتيك توك فمجرد أصفار على اليسار.”

وآخر أضاف: “الملك مدّ يده أكثر من مرة، ليس ضعفاً، بل شفقةً على نظام ضلّ الطريق. أما نحن، ففرحتنا ليست شماتة، بل انتصار للحق والتاريخ.”

هذه الأصوات، رغم اختلافها، تلتقي عند نقطة واحدة: الوعي بأن المغرب دخل مرحلة جديدة من القوة الدبلوماسية والثقة بالنفس، حيث لم يعد بحاجة إلى رفع الصوت ليُسمَع، لأن الموقف الأممي نفسه أصبح يتحدث باسمه.

خلفيات الموقف: من يدافع عن “الهدوء” في زمن النصر؟

من منظور تحليلي، يمكن فهم موقف أحمد عصيد ضمن تيار يرى أن قوة المغرب تكمن في نُبله بعد النصر، وأن الانتصار الأخلاقي لا يقل أهمية عن النصر السياسي.هذا التيار يجد صداه في فلسفة الدولة المغربية الحديثة التي توازن بين الحزم في السيادة والانفتاح في الخطاب، كما عبّر عنها الملك أكثر من مرة.

في المقابل، يرى آخرون أن الدعوة إلى “عدم التشفي” لا يمكن أن تكون متساوية مع الدعوة إلى “نسيان الإساءات”، خصوصاً بعد عقود من حملات العداء القادمة من الإعلام الرسمي الجزائري. لذا فالبعض يعتبر أن الردّ بالكرامة لا بالتشفّي هو المعادلة التي تحفظ الوجهين: الفخر والحكمة.

ما بين العاطفة والعقل… من يملك نغمة المرحلة؟

قد يكون الجدل حول تصريح عصيد مؤشراً على نضج في النقاش الوطني، حيث لم تعد الآراء تتقابل على شكل “مع أو ضد”، بل صارت تبحث عن المعنى والاتجاه.
فالمغاربة اليوم، وهم يحتفلون بانتصار دبلوماسي واضح، يتساءلون أيضاً: كيف نترجم هذا النصر في سلوكنا تجاه الجار؟
هل بالفرح الصاخب الذي يطوي صفحة الماضي، أم بالحكمة الباردة التي تفتح باب المستقبل؟

ربما الجواب يكمن في الوسط: نفرح دون أن نجرّح، وننتصر دون أن نتعالى.

إن دعوة أحمد عصيد إلى عدم التشفي لم تمرّ مرور الكرام، لأنها لامست جرحاً قديماً في الذاكرة المغاربية.

ورغم الاختلاف في المواقف، فإنّ ما يجمع المغاربة اليوم هو الإيمان بعدالة قضيتهم وشرعية موقفهم، مع إدراك متزايد أن الاستقرار في المنطقة لا يمكن أن يُبنى إلا على احترام متبادل ونية صادقة للصلح.

الانتصار لا يكتمل بالهتاف، بل بالرقيّ، كما قال أحد المعلقين: “نريد أن نورث أبناءنا جسوراً من الثقة، لا جدراناً من العداء.”


  • تم تحرير هذا المقال من قبل فريق موقع “أنا الخبر” اعتمادًا على مصادر مفتوحة، وتمت مراجعته بعناية لتقديم محتوى دقيق وموثوق.

التعاليق (2)

اترك تعليقاً

    تعليقات الزوار تعبّر عن آرائهم الشخصية، ولا تمثّل بالضرورة مواقف أو آراء موقع أنا الخبر.
  1. زائر -

    لا هو كاتب ولا باحث ولا هم يحزنون ، فكيف ترفعه إلى مصاف كبار المثقفين؟

  2. محند -

    علينا في المغرب أن نلتف وراء عاهلنا الكريم في خطواته المدروسة في كل المجالات و مساعدته باليقضة التامة و اعتبار امن البلاد مهمة كل مغربي لأن التجربة علمتنا أن لا ثقة في الجار الشرقي الذي بكل أسف يحمل كل الحقد و الجسد و حب الانتقام من المغاربة “,المروك”.