أعلنت الجزائر و"البوليساريو" مبدئيًا الموافقة على استئناف مفاوضات الصحراء المغربية، نتيجة ضغوط دولية بقيادة أمريكا والأمم المتحدة. يُعزى هذا التحول إلى عزلة الطرح الانفصالي، وتغيّر أولويات أمريكا، وضغط الأمم المتحدة لإحياء العملية السياسية. يشكل الحكم الذاتي المغربي الإطار الأكثر واقعية. الاختبار الحقيقي هو مدى جدية الأطراف في المفاوضات والابتعاد عن الخطاب التصعيدي.
في تطور دبلوماسي مفاجئ، أعلنت كلٌّ من الجزائر وجبهة “البوليساريو” الانفصالية عن موافقتهما المبدئية على استئناف المفاوضات بشأن ملف الصحراء المغربية، بعد سنوات من الجمود السياسي وتصلّب المواقف.
هذا التحول لا يمكن قراءته كحدث معزول، بل كحصيلة ضغوط دولية متزايدة، تقودها الولايات المتحدة بشكل واضح، لإعادة إحياء المسار السياسي الأممي في هذا الملف الشائك.
ضغوط أمريكية قوية… وعودة الاهتمام الدولي بالملف
وفق ما أورده موقع لوديسك، فإن قبول الجزائر و”البوليساريو” العودة إلى طاولة الحوار جاء نتيجة مباشرة لحملة دبلوماسية مكثفة مارستها واشنطن خلال الأسابيع الماضية، في محاولة لتجاوز “الطريق المسدود” الذي عاشه الملف منذ سنوات.
هذا الحراك تقوده شخصيتان بارزتان:
ستافان دي ميستورا، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة و مسعد بولو، المبعوث الأمريكي الخاص، حيث أجريا جولات غير معلنة من الوساطات والضغط الدبلوماسي على الأطراف المعنية، ما مهّد لصدور هذا القبول المبدئي بإحياء العملية السياسية.
رسائل الخطوة… ولماذا الآن تحديداً؟
التحول المسجل يحمل دلالات عميقة، خصوصاً أنه يأتي بعد تصاعد القناعة الدولية – التي كرّسها قرار مجلس الأمن الأخير بقرار تحت رقم 2797 – بأن مبادرة الحكم الذاتي المغربية هي الإطار الأكثر واقعية وقابلية للتطبيق لإنهاء هذا النزاع طويل الأمد.
هناك ثلاثة عوامل رئيسية تُفسّر هذا التطور:
- عزلة متزايدة للطرح الانفصالي
المشهد الدولي خلال السنوات الأخيرة اتجه بقوة نحو دعم مبادرة الحكم الذاتي، مع تنامي فتح القنصليات الأجنبية في مدينتي العيون والداخلة، وتزايد الاعترافات الفعلية بمغربية الصحراء.
هذا المسار جعل استمرار الجزائر و”البوليساريو” في موقف الرفض المطلق يبدو غير قابل للاستمرار.
- تغيّر أولويات الولايات المتحدة
الإدارة الأمريكية تسعى اليوم إلى تثبيت الاستقرار في شمال إفريقيا، خصوصاً مع تصاعد التوترات الإقليمية وإعادة إطلاق المفاوضات تمنح واشنطن ورقة تأثير إضافية، وتجعل المنطقة أقل عرضة للاصطفافات الحادة.
- ضغط أممي لاستئناف العملية السياسية
الأمم المتحدة تجد نفسها أمام ضرورة تحريك المياه الراكدة، بعد سنوات من الجمود التي أدت إلى فقدان الثقة في المسار الأممي. لذلك يشكل هذا القبول المبدئي فرصة لإعادة تجميع الأطراف تحت مظلة القرارات الأممية.
ما الذي يمكن أن يحدث لاحقاً؟
رغم أن الإعلان لا يزال في مرحلة “القبول المبدئي”، إلا أن الرسالة واضحة:
هناك إرادة دولية لفتح صفحة جديدة في المفاوضات. لكن نجاح ذلك يظل رهيناً بمدى استعداد الأطراف للانتقال من خطاب التصعيد إلى منطق الحلول العملية.
المغرب من جانبه يواصل التشبث بمبادرة الحكم الذاتي كإطار وحيد واقعي، وهو موقف يحظى بدعم دولي متنامٍ. بينما ستواجه الجزائر و”البوليساريو” اختباراً حقيقياً: هل ستنتقلان فعلاً إلى مفاوضات جدية أم سيقتصر الأمر على خطوة تكتيكية تحت الضغط الدولي؟
التحركات الأخيرة تفتح الباب أمام مرحلة جديدة في ملف الصحراء، قد تكون الأكثر أهمية منذ سنوات. وإذا ما تم تثبيت هذا المسار، فإن الأشهر المقبلة قد تشهد بداية نقاش سياسي مختلف، عنوانه الأساسي: الحل الواقعي بدل الشعارات القديمة.
وبذلك، يصبح السؤال المطروح اليوم ليس ما إذا كانت المفاوضات ستُستأنف، بل: إلى أي مدى سيتم الالتزام بها للوصول إلى حل نهائي خاصة والجزائر وعرابتها البوليساريو دائما ما يحاولان السباحة ضد تيار الحقيقة والحق؟
- تم تحرير هذا المقال من قبل فريق موقع “أنا الخبر” اعتمادًا على مصادر مفتوحة، وتمت مراجعته بعناية لتقديم محتوى دقيق وموثوق.

التعاليق (0)