الجفاف يُطيح بصادرات “الدلاح”: تراجع قياسي يُنذر بخطر على الأمن المائي والفلاحي!

الدلاح اقتصاد الدلاح

تسببت أزمة الجفاف المتواصلة في المغرب في إحداث تراجع لافت في العديد من المنتجات الفلاحية، وعلى رأسها فاكهة الدلاح (البطيخ الأحمر)، التي شهدت صادراتها نحو الأسواق الأوروبية، وبالأخص السوق الإسبانية، انهيارًا حادًا خلال العام 2024، رغم استمرار المغرب كمُصدِّر رئيسي لهذه الفاكهة.

ووفق بيانات حديثة نشرها الموقع الإسباني المتخصص في الشؤون الفلاحية Hortoinfo، فقد سجلت واردات إسبانيا من البطيخ المغربي انخفاضًا مذهلًا بنسبة 76.6٪ مقارنة بسنة 2022. فبعد أن استوردت إسبانيا نحو 122.56 مليون كيلوغرام من البطيخ المغربي في تلك السنة، لم تتجاوز الكمية في 2024 حدود 28.7 مليون كيلوغرام فقط.

أما على مستوى القيمة المالية، فقد بلغت قيمة واردات الدلاح المغربي نحو 243.1 مليون درهم، بمعدل سعر يُقدّر بـ8.47 دراهم للكيلوغرام الواحد، بحسب المصدر ذاته.

ويُعزى هذا التراجع الكبير في حجم الصادرات إلى التأثير المباشر لتوالي سنوات الجفاف، الذي فرض ضغوطًا شديدة على الموارد المائية، وأدى إلى اتخاذ السلطات المغربية قرارات حازمة للحد من الزراعات المستنزفة للمياه، وفي مقدمتها زراعة “الدلاح”. وقد شملت هذه الإجراءات منع زراعته في بعض المناطق التي تعاني من ضغط مائي شديد، مثل إقليم زاكورة، الذي أصبح يُضرب به المثل في أزمة المياه بسبب النضوب المستمر للفرشة المائية.

وتؤكد عدة دراسات ميدانية أن زراعة البطيخ الأحمر تُعد من أكثر الزراعات استهلاكًا للمياه الجوفية، حيث يتجاوز معدل استهلاكها بشكل كبير قدرة الموارد الطبيعية على التجدد، مما يشكل تهديدًا حقيقيا للأمن المائي المحلي، ويطرح تساؤلات ملحّة حول استدامة الأنشطة الفلاحية في المناطق الجافة وشبه الجافة من البلاد.

وتُشير التوقعات إلى أن هذه الوضعية قد تستمر بل وتتفاقم، في ظل غياب تساقطات مطرية كافية، وارتفاع درجات الحرارة، ما يتطلب إعادة التفكير في النموذج الفلاحي الوطني وتوجيه الاستثمارات نحو زراعات أقل استهلاكًا للماء وأكثر انسجامًا مع المعطيات المناخية الجديدة.

فبين مطرقة الجفاف وسندان الحاجة إلى تأمين الأمن الغذائي والصادرات، يجد المغرب نفسه أمام معادلة معقدة، تتطلب قرارات استراتيجية جريئة ومستدامة من أجل حماية موارده الطبيعية ومواصلة مسيرته التنموية.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً