الحكم الذاتي في الصحراء المغربية: مجلس الأمن يعيد رسم قواعد اللعبة

الصحراء المغربية مختارات الصحراء المغربية

في خطوة تاريخية تؤكد نجاح الدبلوماسية المغربية على الساحة الدولية، اعتمد مجلس الأمن الدولي لأول مرة عبارة «الحكم الذاتي» كـ «أساس للتفاوض» حول ملف الصحراء المغربية، حيث تم ذكرها ست مرات صريحة في القرار الأخير.

هذا التطور يحمل رسائل واضحة:

  • نهاية خيار الاستفتاء الذي طالما روجت له أطراف معينة.
  • خروج البوليساريو من المعادلة الإفريقية، ما يضع حداً لدورها في المحافل الدولية.
  • تراجع دور اللجنة الرابعة للأمم المتحدة، وهو ما يعزز موقف المغرب كطرف فاعل وحيد في العملية السياسية.

وبهذا القرار، يُعاد تعريف قواعد اللعبة بشكل نهائي، ويُكرس انتصار الدبلوماسية المغربية التي نجحت في ترسيخ رؤيتها الواقعية والحكيمة للتسوية السلمية للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية. المغرب اليوم يقف أكثر قوة وشرعية على المستوى الدولي، ويضع أسسًا واضحة للتفاوض على مستقبل صحرائه.

الكاتب خالد فتحي.. العالم يعترف بعدالة قضية الصحراء المغربية

وفي هذا الصدد قال الكاتب المغربي خالد فتحي “إن المغرب يقف على أعتاب لحظة فارقة في مسار نضاله الدبلوماسي الطويل، وهو ينظر إلى اعتراف العالم بعدالة قضيته، مطمئنًا إلى أن ساعة الحقيقة قد أزفت، وأن صوت الواقعية غلب أخيرًا ضجيج الأوهام فبعد نصف قرن من التجاذب والجمود بات المجتمع الدولي، أكثر اقتناعًا من أي وقت مضى بأن مبادرة الحكم الذاتي ليست مجرد مقترح مغربي، بل رؤية واقعية ناضجة تترجم مبدأ تقرير المصير في أسمى معانيه. تقرير المصير يكون داخل الوطن، وليس بالانفصال عنه، ذلك أن خيار الاستفتاء، الذي ظل شعارًا معلقًا في الفراغ لعقود، تهاوى أمام حقائق السياسة والميدان، بعدما ثبت أنه وهم سياسي عقيم لا ينجب إلا التوتر والانقسام والأزمات، قبل أن يضيف “أما المغرب، المؤمن بعدالة قضيته، فلم يهدر الوقت في سجلات عقيمة، بل اختار منذ البداية طريق البناء والعقلانية في أقاليمه الجنوبية، حيث تعانق الصحراء البحر، شيد المغرب ورشات للماء وفضاءات للكرامة، وأرسى على رمالها نموذجًا في الحكم المحلي والمشاركة السياسية والتنمية المتوازنة. وفي مدن العيون والداخلة والسمارة، لم يكن المغرب ينتظر تصفيق العالم، بل كان يصنع هذا الاعتراف بالفعل، حين جعل من التنمية أبلغ حجة، ومن الاستقرار أصدق برهان على أن المغرب في صحرائه، والصحراء في مغربها.

خالد فتحي لم يترك تصريحات المستشار الأمريكي لشؤون إفريقيا حين قال بجلاء: “الموقف الأمريكي واضح لا لبس فيه: إنها الصحراء المغربية، لا الغربية” تمر دون أن يعلق عليها إذ قال عنها “هي كلمات قليلة، وحوار مقتضب، ولكنهما اختصرا مسارًا طويلًا من التحول الدبلوماسي، وتجسد انتصار الواقعية على المغامرات، بعدما أقر كبار العالم أن الحكم الذاتي هو الحل الوحيد الواقعي والدائم، وأن وحدة المغرب الترابية خط أحمر لا يقبل المساومة ولا التجزئة”.

الجزائر أمام لحظة اختبار تاريخي

وعن الجزائر كشف خالد فتحي “أنها للأسف ما زالت الجزائر، تراوح مكانها، أسيرة سردية بائدة ولدت في زمن الحرب الباردة، وما زالت تتنفس رمادها حتى بعد أن انطفأ لهيبها، وقال في هذه النقطة “لقد أنفقت الجزائر من ثرواتها وطاقاتها ما كان يكفي لبناء اتحاد مغاربي قوي ومزدهر، لكنها اختارت أن تراهن على وهم الانفصال، فخسرت هي والمغرب العربي معًا نصف قرن من الزمن، وأهدرت فرص التنمية والاندماج، واستبدلت بشقيقها خصماً وهميًا، وبالمستقبل صراعاً عقيماً مكلفاً.. خمسون عامًا من العناد السياسي، لم تثمر إلا عزلة دولية، وهدرًا للثروة، وخسارة لفرصة تاريخية في بناء فضاء مغاربي موحد قادر على أن يكون قوة إقليمية فاعلة والمفارقة أن الشعبين المغربي والجزائري، وهما أقرب شعبين في الجغرافيا والدم والتاريخ، لم يفترقا يومًا في الوجدان، بل ظلا ينتظران مصالحة تصنعها بالطبع الشجاعة والحكمة لا المناكفات والعداوات”. يشير الكاتب، قبل أن يضيف “المغرب لم يكن يومًا خصمًا للجزائر، ولا منافسًا لها في زعامة متخيلة، بل شريكًا طبيعيًا في التاريخ والمصير. مد المغرب يده مرارًا، لا ضعفًا بل إيمانًا بأن الاستقرار لا يُبنى إلا على التفاهم، وأن الجغرافيا لا ترحم من يعادي من يسكن جواره. ومع ذلك، ظل النظام الجزائري يصر على معاكسة منطق الزمن، تارة بالصمت، وتارة بالتحريض، وكأنه يفضل أن يبقى رهينة ماض تجاوزَه الجميع، اليوم، لم تعد الحقيقة تحتمل الالتباس. قضية الصحراء المغربية حُسمت أخلاقياً وسياسياً وتنموياً، وبقي أن تُحسم وجدانياً في ضمير الجار”.

وأشار خالد فتحي أن الجزائر اليوم هي أمام لحظة اختبار تاريخي نادر حيث قال “الجزائر أمام لحظة اختبار تاريخي فإما أن تختار طريق المصالحة والواقعية، وتكف عن خطأ دام نصف قرن، وإما أن تستمر في صراع لم يعد يقنع أحداً، لا في الداخل ولا في الخارج. لقد آن الأوان لأن يُدرك النظام الجزائري أن الاعتراف بالحق ليس هزيمة، بل بطولة وتحرر من عبء الوهم، وأن من يمد يده إلى المستقبل لا يخسر، بل يربح نفسه وشعبه وتاريخه. وإن لم يدرك النظام الجزائري ذلك فالمغرب ماض في طريقه، لا ينتظر انتصاراً على أحد، بل إلى انتصار المنطقة بأكملها على التقزم والجمود والتخلف”.

المملكة تختار طريق البناء في الصحراء المغربية

أكد الكاتب أن “المغرب اختار طريق البناء والعقلانية في الأقاليم الجنوبية، حيث تعانق الصحراء المغربية البحر، شيد ورشات للماء، وفضاءات للكرامة، وأرسى على رمالها نموذجاً في الحكم المحلي والمشاركة السياسية والتنمية المتوازنة”.

وكتب الكاتب تصريحه بالقول “في مدن العيون والداخلة والسمارة، لم يكن ينتظر تصفيق العالم، بل كان يصنع هذا الاعتراف بالفعل، حين جعل من التنمية أبلغ حجة، ومن الاستقرار أصدق برهان على أن المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها،. فالحكم الذاتي ليس نهاية النزاع فقط، بل سيكون أيضاً بداية عهد جديد من الكرامة المشتركة، والسيادة الذكية، والتكامل المغاربي، والمغرب، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، ماضٍ بثبات في طريقه، متسلحاً بالحكمة والرؤية البعيدة، مؤمناً بأن المصالحة الحقيقية تبدأ من الاعتراف بالحقيقة، وأن الغد لا يصنعه إلا الشجعان الذين يضعون المستقبل فوق الموروثات، والوحدة فوق الانقسام”.


  • تم تحرير هذا المقال من قبل فريق موقع “أنا الخبر” اعتمادًا على مصادر مفتوحة، وتمت مراجعته بعناية لتقديم محتوى دقيق وموثوق.

التعاليق (2)

اترك تعليقاً

    تعليقات الزوار تعبّر عن آرائهم الشخصية، ولا تمثّل بالضرورة مواقف أو آراء موقع أنا الخبر.
  1. زهير عبد الوافي -

    نفترض ان المسودة الأمريكية توقفت على هدا الطرح و هو الحكم الذاتي
    أكاد أجزم ان كاتب المقال و رئيس التحرير لا يفقهان شيءا في القانون الدولي و قد اعتبرا ان الأمر حسم و دلك ما نتمناه كمغاربة لكن يجب انتظار الفترة الحاسمة للتصويت على القرار و نحن محتاجين لتسعة أصوات مؤيدة مقابل عدم تصويت اي من القوى العظمى بالفيتو

    • أنا الخبر | Analkhabar -

      نشكر تعليقكم القيم وملاحظتكم الوجيهة. بالفعل، التصويت الرسمي في مجلس الأمن يمثل المرحلة الحاسمة لاعتماد القرار بصفة نهائية، وهو ما نتابعه عن قرب.
      لكن المقال لم يتحدث عن “حسم نهائي”، بل ركّز على التطور الدبلوماسي المهم في مضمون المسودة الأمريكية التي اعتمدت لأول مرة عبارة «الحكم الذاتي كأساس للتفاوض»، وهو تحول نوعي في لغة الأمم المتحدة وفي موازين الخطاب الدولي حول الملف.
      وبالتالي، فالتحليل يسلط الضوء على المكاسب السياسية والدبلوماسية المغربية التي تسبق التصويت، والتي غالباً ما تعكس توجه النتيجة النهائية.